جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج3-ص280
بعد الانجبار بما عرفت، مع ان الاخيرين من قسم الموثق، وهو حجة عندنا، وعدم قدح الاضمار في نفسه كما تقدم غير مرة، بل في الرياض ” انه يمكن إرجاعهما إلى ما عليه الاصحاب بدفع الاول بتقييده بالمبتدأة، والثاني بانحصار النسوة بالبعض أو عدم التمكن من استعلام حال الباقيات للتشتت ” انتهي.
قلت: وظاهره تخصيص هذا الحكم عند الاصحاب بالمبتدأة بالمعني الاخص كما صرح به في أول كلامه، وهو لا يخلو من نظر وتأمل، إذ قد عرفت سابقا ان المبتدأة تطلق في عبارات الاصحاب في مقابلة المتحيرة، فتشمل حينئذ من لم تستقر لها عادة، بل قد عرفت انه نسبه إلى المشهور في المسالك، والى الاشهر في الروضة، والى العلامة ومن تأخر عنه في الحدائق، وانه الظاهر من المصنف بل من المبسوط والوسيلة والسرائر والجامع والموجز الحاوي والقواعد والمنتهي والتذكرة وغيرها كما لا يخفي على من لاحظ عبارات هؤلاء، مع ما فيها من الشواهد على ذلك من حصر أقسام المستحاضة بالمبتدأة وذات العادة ونحو ذلك، بل كاد يكون كالصريح من بعضهم، ولذا قال في جامع المقاصد: ” ان ظاهر العبارة ان المبتدأة من لم يسبق لها عادة في الحيض، لانها مقابل المعتادة، وان المضطربة من سبق لها عادة في الحيض ونسيتها – ثم ذكر تفسير المعتبر لها بأنها التي تبتدئ الدم، وللمضطربة بالتي لم تستقر لها عادة، قال -: وهذا التفسير صحيح إلا ان الاول تجري عليه أحكام الباب، فان من لم تستقر لها عادة ترجع إلى النساء مع فقد التمييز كالتي ابتدأت الدم، والمضطربة لا ترجع إلى النساء لسبق عادتها ” انتهي.
كل ذا مع شمول الموثقين المتقدمين له، وعدم صلاحية المرسل المتقدم لتقييدهما به،إذ لا منافاة بينهما، بل لعل قول السائل فيه: (فلا تعرف أقرائها) يشعر بأن علة الرجوع إلى عادة النساء ذلك لا كونها مبتدأة، مع انه الموافق للاعتبار المتقدم أيضا.