جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج3-ص275
الطهر لا يخلو من إشكال ونظر كما عرفت، ولعل مراد من اشترط ذلك انه لا يحكم بحيضية الاسودين وان ما بينهما طهر إلا ان يكون الضعيف أقل الطهر، فتأمل جيدا،فاني لم أعثر على تنقيح لذلك في كلامهم، والله أعلم، ولعله لذلك ترك اشتراطه بعضهم كالمصنف وغيره لبداهة بعض ما يخرج به واستغنائه باشتراط عدم تجاوز أكثر الحيض عن بعض آخر، وإمكان منع غيرهما، فتأمل، وربما اشترط بعضهم زيادة على ما تقدم عدم المعارضة بالعادة، وكأن المصنف استغني عنه لفرضه المسألة في المبتدأة، كما انه استغنى بفرضه الاشتباه بالاستحاضة عن اشتراط عدم الخروج من الايسر، بناء على عدم خروج الحيض منه، وكاستغنائه أيضا بفرضه المسألة في المتجاوز عن العشرة عن اشتراطه التجاوز في الرجوع للتمييز، وكذا ما اشترط بعدم المعارضة بصفة أقوي، فانه ليس في الحقيقة شرطا للتميز أو الرجوع إليه، لتحققهما مع المعارضة المذكورة، لكنها ترجع إلى الاقوى على القول به كما ستسمع.
فنقول ان بعضهم اشترط في التمييز اختلاف الدم، وكأنه مستغني عنه، لعدم تحقق التمييز بدونه، ولا إشكال في التمييز بالنسبة إلى الصفات المستفادة من الادلة المتقدمة سابقا في الحيض والاستحاضة، لكن اعتبر بعضهم هنا التمييز مضافا إلى ذلك بالرائحة، فذو الكريهة حيض، وفاقدها استحاضة، ولم أعثر على ما يدل على ذلك، نعم قيل انه تشهد به التجربة وبعض الاخبار العامية (1) وفي الاعتماد عليهما نظر،أللهم إلا ان يفهم من الادلة ان المدار على ظن الحيض، ولعله لذلك اعتبر بعضهم القوة والضعف بالنسبة إلى الصفات المنصوصة، فجعل الاسود قويا بالنسبة للاحمر، والاحمر قويا بالنسبة للاشقر، والاشقر قويا بالنسبة إلى الاصفر والاكدر، والاصفر قويا بالنسبة للاكدر أيضا، بل ربما اعتبر القوي بالنسبة إلى غير اللون من
(1) كنز العمال – ج 5 – ص 97 – الرقم 2098