جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج3-ص47
وما سمعت أحدا يكره من ذلك شيئا إلا ان عبد الله بن محمد كان يعيبهم عيبا شديدا، يقول: جعلوا سورة من القرآن في الدرهم، فيعطى الزانية وفي الخمر ويوضع على لحم الخنزير ” ومن انه لا دليل على وجوب التعظيم فلذا كان الحكم بالكراهة متجها عند بعض المتأخرين -مما لا ينبغي ان يصغى إليه، أما الطعن فهو على تقدير تسليمه منجبر بما عرفت من الاجماع المنقول الذي يشهد له التتبع لفتاوى الاصحاب، وبه يتضح عدم مقاومة الرواية الاولى لها، على انها غير صريحة في الدلالة على مس الاسم، وكونه فيها أعم من ذلك، مع عدم الجابر لدلالتها، وأما ما سمعته من المنقول عن جامع البزنطي فهو مع ابتنائه على معروفية نقش الدرهم الابيض بلفظ الجلالة لا صراحة فيه في المطلوب، إذ أخذه أعم من ذلك، وأما ما في ذيله فهو – مع دلالته على جواز مس كتابة القرآن المنقوشة على الدرهم، وقد عرفت في السابق ما يدل على فساده – محتمل لكونه من غير الامام (عليه السلام) ولامور أخر، بل ينبغي القطع بذلك عند التأمل، وأما ما ذكره من عدم وجوب التعظيم فهو مسلم ان أريد به زيادة التعطيم، وكذا يمكن تسليمه في التعظيم الذي لا يكون تركه تحقيرا، وأما التعظيم الذي يكون تركه تحقيرا فلا ينبغي الاشكال في وجوبه، بل لعله من ضروريات المذهب بل الدين، ولعل ما نحن فيه فمن هذا القبيل، وان كان ليس لاهل العرف نصيب في معرفة التحقير بالنسبة للجنابة ونحوها، إلا انهم يحكمون بذلك من جهة مؤانسة الشرع، كمنعه من دخول المساجد ومس كتابة القرآن ونحوهما، على انه يمكن دعوى وجوب التعظيم الذي لا يكون تركهتحقيرا من قوله تعالى (1): ” ومن يعظم شعائر الله فانها من تقوى القلوب ” نعم أقصى ما يسلم من عدم وجوبه انما هو زيادة التعظيم كوضع القرآن مثلا في أعلى الاماكن وأرفعها ونحو ذلك، لاصالة البراءة وقضاء السيرة به، مع عدم تناهي أفراد زيادة التعظيم فتأمل،
(1) سورة الحج – الآية 33.