جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج2-ص285
التشكيك، وكأن الذي أدخل الشك على بعض الاعلام أخبار الدهن، لكن لا ينبغي لذلك ارتكاب ما هو بديهي البطلان.
ومن هنا عدل بعض المتأخرين عن تلك الدعوى.
وادعى أنه يمكن القول بالاجتزاء بها لاعتبار أسانيد بعضها لا لانه غسل، بل لانه أمر اكتفى به الشارع وإن لم يسمى غسلا، فيكون الواجب بالنسبة إلى الوجه واليدين أحد أمرين الغسل أو الدهن، وتحمل حينئذ جميع الاوامر الواردة في الكتاب والسنة التي كادت تكون صريحة، بل هي صريحة في إرادة الوجوب العيني، لمقابلته بالمسح على إرادة التخيير، وكذا نحو قوله (1): (الوضوء غسلتان ومسحتان) على إرادة الوضوء غسلتان أو دهنتان، أو أربع مسحات إن قلنا أن الدهن مسح على ما هو الظاهر، وذلك مما لا يرتكبه من له أدنى معرفة في الفقه، بل الظاهر أنه مخالف للاجماع، ومن هنا أشار المصنف وغيره كابن إدريس والعلامة والشهيد إلى تأويل هذه الروايات بارادة أنه يجزئ من الغسل ما كان باجراء المكلف كالدهن بحيث تنتقل من محل إلى آخر، وفي الذكرى ” أن أهل اللغة يقولون دهن المطر الارض إذا بلها بللا يسيرا ” وقد تحمل الروايات عليه، وليس فيها ما ينافي ذلك، فمنها قوله (عليه السلام) في صحيحة زرارة ومحمد بنمسلم (2): ” انما الوضوء حد من حدود الله تعالى ليعلم الله من يطيعه ومن يعصيه، وان المؤمن لا ينجسه شئ، انما يكفيه مثل الدهن ” وقوله (عليه السلام) في رواية محمد بن مسلم (3): ” يأخذ أحدكم الراحة من الدهن، والماء أوسع من ذلك ” وقوله (عليه السلام) (4) في الغسل والوضوء: ” ويجزئ منه ما أجري من الدهن الذي يبل الجسد ” بل الرواية الاخيرة كادت تكون كالصريحة فيما ذكرنا من التأويل، وكأن هذه الاخبار يراد منها
(1) الوسائل – الباب – 25 – من أبواب الوضوء – حديث 9 (2) و (4) الوسائل – الباب – 52 – من أبواب الوضوء – حديث 1 – 5 (3) الوسائل – الباب – 15 – من ابواب الوضوء – حديث 7