جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج2-ص207
لنا مضافا إلى ما سمعت من الاخبار المروية من طرقهم قوله تعالى (1) (فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق، وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين) بالجر في قراءة ابن كثير وأبي عمرو وحمزة، وفي رواية أبي بكر عن عاصم، بل قيل انها مجمع عليها، وانها هي القراءة المنزلة، بخلاف قراءة النصب فانها مختلف فيها، ويؤيده خبر غالب بن الهذيل (2) من طريق الاصحاب قال: ” سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن قول الله عزوجل: (وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم) على الخفض هي أم على النصب ؟ قال: بل هي على الخفض ” على أنه لو سلمنا قراءة النصب كما نقلت عن نافع وابن عامر والكسائي، وفى رواية حفص عن عاصم فهي غير منافية لها.
لحمل الاولى على العطف على اللفظ، والثانية على المحل، ودعوى أنه ليس أولى من جعلها في النصب معطوفة على لفظ الايدي، وحمل قراءة الجر على جر المجاورة، كما في قولهم هذا جحر ضبخرب يدفعه أن العطف على المحل أولى للقرب، وللفصل وللاخلال بالفصاحة من الانتقال عن جملة إلى أخرى أجنبية قبل تمام الغرض، بل فيه إغراء بالجهل، ومنافاة للغرض، مع أنه يقتضي حمل قراءة الجر على المجاورة كما اعترف به في السؤال، وإلا يحصل التنافي بين القراءتين، وهو غير جائز، وارتكاب إيجاب الجمع بين الغسل والمسح كما قال به داود فهو مع عدم وضوح ترتبه على ذلك قد استقر الاجماع على خلافه كما قيل، كاحتمال القول بالتخيير بينهما، فلم يبق إلا التزام جر المجاورة، وهو – مع ما عن محققي النحويين منعه، وتأويل جميع ما يتخيل فيه ذلك، بأن يراد مثلا بخرب صفة مشبهة أي خرب جحره، ونحوه غيره، وعن بعض التصريح بعدم جواز وقوعه في الكلام الفصيح، وانه شاذ يقتصر فيه على بعض الالفاظ المسموعة – مشروط بعدم وجود حرف العطف، لانتفاء المجاورة معه، وعدم اللبس كما في المثال، بخلاف ما نحن
(1) سورة المائدة – الآية 8 (2) المستدرك – الباب – 23 – من ابواب الوضوء – حديث 3