جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج2-ص127
إلى آخره.
ولو سلمنا عدم ظهوره فهو معارض بما دل على أن (الاعمال بالنيات ولكل امرئ ما) وبأن نية التعيين يتوقف عليها صدق الامتثال، وبأن الامتثال متوقف على قصده: وأيضا لو أخذ بهذا الاطلاق لكان التداخل فيها عزيمة لا رخصة، وهومخالف لظاهر قوله (عليه السلام): (أجزأك) ونحوه وما يقال -: ان الاغسال المندوبة كالوضوءات المندوبة، فان الوضوء بقصد غاية من الغايات مجز بالنسبة إلى غيرها فكذلك الغسل المندوبي أيضا – فيه أما أولا فانه قياس، وثانيا فالفارق موجود، وذلك لكون المطلوب هناك شئ واحد، وهو رفع الحدث الاصغر، فبعد فرض رفعه بقصد غاية من الغايات يجتزى به، لعدم تصور رفعه مرة أخرى، وأيضا فالتحقيق أن من توضأ بقصد غاية من الغايات لم يصدق عليه امتثال الامر بالنسبة إلى غيرها، نعم لو وقع غيرها مقارنا لذلك الوضوء أعطي ثواب إيقاع تلك الغاية على طهارة، مثلا من توضأ بقصد قراءة القرآن ولم يخطر بباله دخول المساجد مثلا بل لم يعلم باستحباب الوضوء لها فانه لا يعد ممتثلا بالنسبة للامر بهذا الوضوء لهذه الغاية، لكن لو دخله متطهرا أعطي ثواب ذلك، لما يفهم من الادلة من استحباب دخوله على هذا الحال وإن لم يكن بقصد الفعل له.
ثم ان ذلك كله ارتكب في مثل الوضوء لظواهر الادلة فلا يتسرى إلى غيرها، فما يقال -: ان المستحب مثلا انما هو الزيارة على غسل سواء كان ذلك الغسل لها أو لغيرها – لا يصغي إليه، إذا ليس في الادلة ما يقتضيه، ومجرد إمكانه لا يصلح محققا لثبوته،على أنك قد عرفت انه خروج عن محل النزاع، ومثله ما يقال: ان المقصود من الغسل التنظيف، وهو حاصل على كل حال، فيكون كرفع الحدث في الوضوء وذلك لعدم ثبوته، وعلى تقديره فهو حكمة لا يخالف لاجلها ظواهر الادلة.
وأما مرسلة جميل فهي لا جابر لسندها في خصوص المقام، بل الشهرة المركبة الحاصلة من نفي التداخل رأسا، واشتراطه بنية الجميع على خلافها، مع إشعارها