جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج2-ص94
ما ينقل عن أبي سهل من الشافعية، قيل وحكي عن ابن شريح من الافتقار إلى النية، وهو كما ترى، ولعله بما سمعت من الاجماع يخص إصالة الاحتياج إليها في كل أمر لو سلمت، لكن قال في المدارك: ” ان الفرق بين ما يحتاج إلى النية من الطهارة ونحوها وما لا يحتاج من إزالة النجاسات وما شابهها ملتبس جدا، لخلو الاخبار من هذا البيان.
وما قيل: ان النية انما تجب في الافعال دون التروك منقوض بالصوم والاحرام، والجواببان الترك فيهما كالفعل تحكم، ولعل ذلك من أقوى الادلة على سهولة الخطب في النية وان المعتبر فيها تخيل المنوي بأدنى توجه، وهذا القدر أمر لا ينفك عنه أحد من العقلاء كما يشهد به الوجدان، ومن هنا قال بعض الفضلاء: (لو كلف الله الصلاة أو غيرها من العبادات بغير نية كان تكليف ما لا يطاق) وهو كلام متين لمن تدبره ” انتهى.
قلت: قد يكون منشأ الاجماع هو كون إزالة النجاسة من قبيل التروك يراد بها رفع القبيح عن الوجود في الخارج فلا تتوقف على النية.
أو يقال: انا لا نقول في مثل المقام: بتحقق الامتثال حال عدم النية،.
أو يقال: انا لا نقول في مثل المقام: بتحقق الامتثال حال عدم النية، نعم نقول: بحصول الطهارة للثوب حال عدمها، وهو غير قادح إذ لم يعلم من الادلة اشتراط حصول الطهارة بصدق مسمى الامتثال، بل الظاهر من الادلة خلافه، لكون المستفاد منها انها تحصل بحصول مسمى الغسل، فيكون التحقيق حينئذ ان الامر إما أن يتعلق بما لا يعرف ماهيته وحصول مسماه إلا من قبل الشرع كالوضوء والغسل ونحوهما، أو يتعلق بما لا مدخلية للشرع فيه كالامر بغسل الثياب والاواني ونحو ذلك، فان كان الاول وقد رتب الشارع أحكاما شرعية على حصول المسمى فالظاهر الاحتياج إلى النية، إذ بدونها لا يعلم حصولالمسمى، وإن كان الثاني وقد رتب الشارع كذلك فالظاهر عدم الاحتياج في حصول تلك الاحكام إلى النية، لتحقق المسمى بدونها الذي علق عليه وجود الاحكام بدونها، هذا كله حيث تعلق الآثار على مبدء الاوامر كأن يقول: اغسل ثوبك فان الغسل يزيل النجاسة، أما لو وقع الامر بالغسل مثلا ولم يذكر تعليق الآثار على المبدء