جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج2-ص85
شرائط الوضوء من إباحة الماء والمكان ونحوهما، فلعل النية من ذلك القبيل، على أن اعتبارها ليس في الوضوء وحده لتذكر فيه، بل هي في سائر العبادات – فيه مع أنهغير تام على القول بانها شطر لاشرط أنه لا إشكال في دخولها في الكيفية وان قلنا انها شرط، وليس حالها كحال غصبية الماء والمكان ونحوهما كما لا يخفى، وكونها جارية في سائر العبادات لا يقتضي تركها عند بيان كيفية العبادة.
ثم انه على تقدير ذلك كان ينبغي ذكرها وبيانها في آية أو رواية مستقلة مع أنه لا شئ من ذلك، بل قد يظهر من بعض الروايات خلافه، فانهم (عليهم السلام) لازالوا يأمرون بالمستحبات بلفظ (افعل) الظاهر في الوجوب، بل يشركون بين الواجب والمستحب بلفظ واحد، وفي بالي أن في بعض الاخبار (1) أنه سأل أحد الائمة (عليهم السلام) ” عن شئ فأمره به، ثم جاءه في السنة الثانية فسأله عنه ثم أمره به ثم جاءه في السنة الثالثة فسأله عنه فأذن له في تركه ” فهناك فهم أنه مستحب، بل مما يؤيد ما ذكرنا انه لاريب في أن طاعتنا لله تعالى على نحو طاعة العبيد لساداتهم، ومن المقطوع به ان أهل العرف لا يعدون العبد الآتي بالفعل الخالي عن نية الوجوب أو وجه الوجوب عاصيا، بل يعدونه مطيعا ممتثلا ممدوحا على فعله، والحاصل صفة الوجوب والندب من الصفات الخارجة عن تقويم الماهية، بل هما من المقارنات الاتفاقية ومثلهما القضائية والادائية والقصرية والتمامية والزمانية والمكانية ونحو ذلك، على انه كيف يتم وجوب نية الوجهوعدم استحقاق الثواب إلا بها كالامتثال مع أنه في كثير من المقامات لا يعرف الفعل انه واجب أو مندوب لاشتباه موضوع أو اشتباه حكم، مع أن القول بالسقوط هنا مما لم يرتكبه ذو مسكة، كالقول بتحقق الامتثال حينئذ، وقصدهما على سبيل الترديد غير مفيد، فلا ينبغي الاشكال حينئذ في عدم وجوب نية الوجوب والندب أو وجههما لا قيدا ولا غاية، نعم نقول: بوجوب ذلك حيث يتوقف عليه التعيين، لعدم حصول
(1) الوسائل – الباب – 12 – من ابواب نواقض الوضوء – حديث 9