جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج2-ص78
(صلى الله عليه وآله) وقول رسول الله (صلى الله عليه وآله) (1): ” إنما الاعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى، فمن غزا ابتغاء ما عند الله فقد وقع أجره على الله عزوجل، ومن غزا يريد به عرض الدنيا أو نوى عقالا لم يكن له إلا ما نوى ” وقوله أيضا (2) في خبر أبي عثمان العبدي عن جعفر عن آبائه عن أمير المؤمنين (عليهم السلام) قال: ” قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا قول إلا بعمل، ولا قول ولا عمل إلا بنية، ولا قول ولا عمل ولا نية إلا باصابة السنة ” وفي الوسائل أنه رواه الشيخ مرسلا عن الرضا، وغير ذلك.
وما وقع من بعض متأخري المتأخرين – من المناقشة في الاستدلال بهذه الاخبار لاحتمال توجه الحصر فيها إلى الكمال دون الصحة، وترجيح الثانية على الاولى لكونهأقرب المجازات إلى الحقيقة معارض بانه فيه تخصيصا للاعمال بالعبادات خاصة – ضعيف جدا، لما فيه من المخالفة لفهم العلماء الماهرين، ولغلبة استعمال مثل هذا التركيب في نفي الصحة كما هو واضح، وخروج غير العبادات منه غير قادح، بل هو أولى من غيره لشيوع التخصيص، لا يقال: ان بعض هذه الاخبار لا تنطبق على ما ذكرت من معنى النية، مثل ” انما الاعمال بالنيات ” ونحوه، لانا نقول: مع انا نجوز إطلاقها على غير ما تقدم مجازا انه قد يشتبه المراد من متعلق النية إما باضمار أو نحوه، وفي إطلاق نفس النية كما في قوله: ” انما الاعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى ” إلى آخره.
بل التأمل الصادق في مثل قوله (انما الاعمال) ونحوه يقضي بانه أدل على المطلوب منه على غيره لما فيه من إطلاق النية على غير ما نحن فيه، فتأمل جيدا.
وإذ قد ظهر لك المراد من النية علمت أن الامر فيها في غاية السهولة، إذ لا ينفك فعل العاقل المختار حال عدم السهو والنسيان عن قصد للفعل وإرادة له، ومن هنا قال بعضهم: انه لو كلفنا الله الفعل بغير نية لكان تكليفا بالمحال، وهو حسن بناء على ما ذكرنا من معنى النية، بل لعله لذا أغفل المتقدمون ذكرها وبيان شرطيتها،
(1) و (2) الوسائل – الباب – 5 – من أبواب مقدمة العبادات – حديث 1