جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج2-ص76
الاصحاب والصحاح، بل يستفاد من إطلاق كثير من الاخبار (1) كما لا يخفى على من لاحظ باب استحباب نية الخير والعزم عليه، وباب كراهية نية الشر من كتاب وسائل الشيعة، والمراد بالعزم الارادة المتقدمة على الفعل سواء حصل قبلها تردد أولا، فما ينقل عن المتكلمين من الفرق بينه وبين النية بذلك غير واضح الوجه، كالفرق بين النية ومطلق الارادة بالمقارنة وعدمها، وحاصل ما نقل عنهم ان الارادة إما أن تكون مسبوقة بتردد أولا، فالاولى العزم، والثانية إما ان تكون مقارنة أولا، فالاولى النية، والثانية إرادة بقول مطلق، وهو كما ترى.
نعم لا يبعد دعوى اشتراك لفظ النية بين الارادة المتقدمة التي تسمى بالعزم، كما هو ظاهر ما عن الجوهري، ويؤيده ملاحظة كثير من الاستعمالات، وبين الارادة المقارنة المؤثرة في وقوع الفعل، مع احتمال دعوى الحقيقة في الثانية خاصة.
وكيف كان لا نعرف لها معنى جديدا شرعيا، نعم ربما وقع في اسان بعضالمتشرعة إطلاقها على الارادة مع القربة، بل هو مدار قولهم النية شرط في العبادات دون المعاملات، ومنه اشتبه بعض متأخري المتأخرين، فادعى أن لها معنى جديدا، وهو واضح الفساد كما لا يخفى على من لاحظ كلمات الاصحاب في معناها وإطلاقها واستعمالاتهم وغير ذلك، فلا حاجة للاطالة، نعم لما لم يكتفوا بمطلق القصد في صحة العبادة بل كان المعتبر قصدا خاصا على ما ستعرف جعلوا ذلك كله من متعلقات النية ولذا تراهم بعد ذكرها يذكرون كيفيتها، فيشتبه على غير المتأمل أنه معناها عندهم، وظهر لك مما تقدم من معنى النية انها من الافعال القلبية التي ليس للنطق فيها مدخلية كما صرح بذلك جماعة من الاصحاب، منهم الشيخ في الخلاف والمصنف والعلامة والشهيدان وغيرهم، ومن هنا اعترض على المصنف باستدراك قوله (تفعل بالقلب) بعد ذكره انها إرادة، وربما أجيب عنه أنه جئ به لاخراج إرادة الله عن مسمى النية، لمكان
(1) الوسائل – الباب – 6 و 7 – من أبواب مقدمة العبادات