جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج2-ص69
وربما حمل نفي البأس فيها على خفة الكراهة دون الراكد، وكأن منشأه أنه مجرد جمع بين الاخبار، وان الكراهة مما يتسامح فيها، وإلا فلا شاهد على ذلك، ولا ينتقل إليه من اللفظ، وربما احتمل حمل نفى البأس فيها على عدم حصول النجاسة أو الاستقذار وهو كسابقه، على أن خبر الفضيل ظاهر في خلاف ذلك، بل الذي يؤدى به هذا المعنى عدم البأس عن الماء لا عن البول في الماء، فلذا نقل عن بعض القدماء انه قال: لا بأسبه في الجاري، وعن الهداية والمقنعة أنه لا يجوز في الراكد، ولعل مرادهما شدة الكراهة، لقصور الاخبار عن إفادة التحريم، مع اشتمال الصحيح على لفظ الكراهة، وإشعار التعليل (1) الوارد في جملة منها بان للماء أهلا به، فان فعل فأصابه شئ فلا يلو من إلا نفسه، وان منه (2) يكون ذهاب العقل، وعن الفقيه أنه قال: وروي (3) ” أنه يورث النسيان ” وعن شرح الارشاد ” أنه يورث الحصر ” وكالتعليل الاول ورد (4) في النهي عن البول في الجاري أيضا، فيمكن أن يقال ان المنفي عنه البأس من الجاري السائل، والمنهي عنه الجاري الراكد أي ماله مادة وإن كان بعيدا جدا، وعن النهاية أنه بالليل أشد لما قيل من ان الماء بالليل للجن، فلا يبال فيه ولا يغتسل، حذرا من إصابة آفة، انتهى.
وقد عرفت أن الاخبار دلت على ان له أهلا مطلقا، وكذا مخافة إصابة الآفة، وانت خبير أن ظواهر الاخبار اختصاص الحكم بالبول، ومن هنا اقتصر عليه المصنف كالعلامة، وعن الاكثر إلحاق الغائط، ولعله للتعليل، قيل ولانه أولى، وفى جامع المقاصد أنه لا يبعد أن يقال: ان الماء المعد في بيوت الخلاء لاخذ النجاسات واكتنافها كما يوجد في الشامات وما جرى مجراها من البلاد الكثيرة المياه لا يكره قضاء الحاجة فيه، وفيه أن ذلك لا يصلح لان يكون مقيدا لتلك الادلة
(1) المستدرك – الباب – 19 – من أبواب أحكام الخلوة – حديث 5 (2) الوسائل – الباب – 24 – من أبواب أحكام الخلوة – حديث 5 (3) و (4) الوسائل – الباب – 24 – من أبواب أحكام الخلوة – حديث 4 – 3