جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج2-ص30
إلى محل لا يعتاد وصولها إليه، ولا يصدق على إزالتها اسم الاستنجاء، وهو الاقرب، لعموم الادلة، ولبناء الشرعية على المتعارف دون النادر، ولما صرحوا به في ماء الاستنجاء من الحكم بطهارته ما لم يتفاحش بحيث يخرج عن مسمى الاستنجاء انتهى.
قلت قد عرفت أن المستند في أصل الحكم الاجماعات المنقولة، مع نسبته له في الذكرى إلى الرواية، ولعله أشار إلى ما رواه (1) في المعتبر عنه (عليه السلام) ” يكفي أحدكم ثلاثة أحجار إذا لم يتجاوز المحل ” لكن الظاهر من ملاحظة كلامه أنها من طرق العامة فلا ينفع انجبارها بالشهرة.
إذ ظاهر الاصحاب عدم الالتفات إلى أخبار العامة وان انجبرت، والذي يظهر لي في المقام أن الاصحاب (قدس الله أرواحهم) لم يريدوا ما فهمه هؤلاء منهم من مطلق التعدي، وأنكروا عليهم ذلك غاية الانكار، بل الظاهر منهم إرادة التعدي عن المحل الذى يعتاد وصول النجاسة إليه، لما عرفت أن رؤساءهم لم يذكروا تحديد التعدي، فيحمل على ما كان خارقا للمتعارف المعتاد، كما يشعر بذلك أنهم ذكروه في مقابلة ما ذهب إليه الشافعي من الاجتزاء بالاحجار وإن وصل إلى باطن الاليتين، بل يشير إليه قول بعضهم أنه لابد من الماء وان لم يبلغ باطن الاليتين، وذلك لانه بدونه يخرج عن المتعارف المعتاد، وكيف يسوغ لاحد ان يحمل كلامهم على إرادةمطلق التعدي، مع أنه لازم لخروج الغائط في الغالب، مع أن الاستنجاء بالاحجار كان هو المتعارف في ذلك الزمان، بل يظهر من الروايات (2) أنه لم يعرف غيره حتى نزل قوله تعالى: (ان الله يحب التوابين ويحب المتطهرين) في الرجل الذي أكل طعاما فلانت بطنه فاستنجى بالماء، فشرع هناك التخيير بينه وبين الاحجار، ومما يرشد إلى هذا أيضا ان العلامة في المنتهى استدل على وجوب إزالة المتعدي بالماء بانه انما شرع الاجمار لاجل المشقة الحاصلة من تكرر الغسل مع تكرر النجاسة، أما مالا يتكثر فيه
(1) المعتبر – البحث الثاني من الاستنجاء في آداب الخلوة ص 33 (2) الوسائل – الباب – 34 – من ابواب أحكام الخلوة – حديث 3 و 5