جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج2-ص12
وكذلك ينبغي القطع بخروج الجالس لخروج أحد الاخلاط أو الحقنة مع الخلوص عن الحدث، ولا يضر الاحتمال مع عدم تحققه، بل قد يقال ان مثل هذا الخليط لا يدخل لظهورها فيما ذكرنا من التخلي على النحو المتعارف، ولو اشتبه القبلة وأمكنه تعرفها وجب، مقدمة للامتثال، ولو تعذر وجب الاجتناب مادام ممكنا، فان حصرها في جهة وإن لم يشخصها وجب عليه اجتناب تلك الجهة، وهل يقوم الاجتهاد في القبلة عند عدم غيره مقام اليقين كما في الصلاة ؟ لا يبعد ذلك، إما للالحاق بالصلاة، أو لدعوى أنه يفهم من نحو قوله (عليه السلام) (لا يستقبل القبلة) قيام الظن مقام العلم عند تعذره، أو لاستصحاب بقاء التكليف، فيقضي به العقل بقيام الظن مقام العلم، للزومالتكليف بما لا يطاق بدونه، والكل لا يخلو من تأمل.
ولو دار الامر بين الاستقبال أو الاستدبار قدم الاول، لكونه أعظم قبحا، وبينه وبين تكشف العورة فالثاني، ومدار هذا الترجيح وغيره على ما يحصل عند المجتهد، فينبغي مراعاة الميزان، وكان دليل تقديم الاعظم قبحا على غيره العقل، فضلا عن النقل، والظاهر انه لا يجب على الاولياء تجنيب الاطفال المميزين أو غير مميزين، للاصل والسيرة، وربما احتمل الوجوب للتعظيم، كما في كل ما كان منشأ الحكم فيه ذلك، كحرمة المس ونحوها، وهو ضعيف، وقد يستفاد من رواية محمد بن اسماعيل المتقدمة عن الرضا (عليه السلام) رجحان تجنب القبلة عن كل فعل ردي، وربما يستأنس له بمرجوحية المواقعة مستقبلا ومستدبرا، بل في كشف اللثام حرمته، وقد يشم منه إلحاق الاماكن المشرفة بالقبلة، بل عن النهاية للفاضل احتمال اختصاص النهي عن الاستدبار بالمدينة ونحوها مما يساويها جهة، لاستلزام استقبال بيت المقدس، وإن حكي عن الشهيد أنه قال هذا الاحتمال لا أصل له، ولعله كذلك، بل يمكن القطع بخلافه من النصوص والفتاوى، على أن بيت المقدس قبلة منسوخة، نعم لا بأس باحترامه من حيث كونه مكانا شريفا كما ذكرناه، والله العالم.