جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج1-ص391
الأمور الموجبة لفعل الطهارة وعلى الأثر الحاصل منها، فتقابله مع الطهارة مقابلة الأضداد، لا مقابلة العدم والملكة، فالمخلوق دفعة بالغا كآدم مثلا لا يحكم عليه بأحدهما، فما كانت الطهارة شرطا فيه تجب، وما كان الحدث مانعا منه جاز فعله بدونها، وقد يحتمل أنه يلاحظ في بعض الأحداث معنى الحدثية اللغوية، فلو أرسل خشبة أو نحوها في المقعدة فأخرج بها شئ من الغائط لا يسمى حدثا، ولا ينقض به وضوء وان كان الظاهر خلافه كما ستعرف، والموجبة الثابت عندها الخطاب بالوضوء لولا المانع، والموجب في هذا المعنى مرادف للسبب والمقتضي، كما لا يخفى على المتتبع، لا طلاق لفظ الموجب في كلامهم، سواء كان خطابا واجبا أو مستحبا لنفسه أو لغيره، وعبر في القواعد بالأسباب، وفي السرائر بالنواقض، وكان اختلاف التعبير منشاؤه الأخبار، فالتعبير بالموجبات لقوله (عليه السلام) (1): ” لا يوجب الوضوء إلا من غائط أو بول ” الى آخره والنواقض لقوله (عليه السلام) (2): ” ليس ينقض الوضوء إلا ما خرج من طرفيك الاسفلين ” الى آخره، والأسباب لقوله (عليه السلام) (3): ” انما الوضوء من طرفيك اللذين أنعم الله بهما عليك “.
لكن قيل ان التعبير بالأسباب أولى، لكونه أعم منهما مطلقا، لكون السببعرفا هو الوصف الوجودي الظاهر المنضبط الذي دل الدليل على كونه معرفا لاثبات حكم شرعي لذاته، سواء كان الحكم الشرعي وجوبا أو ندبا، وقولنا لذاته لادخال حدث الصبي والمجنون والحائض، فان ذاته مقتضية لذلك، لكن وجود المانع منع من تأثير المقتضي، وهو لا ينافي السببية عرفا، ومن هنا وجب الوضوء مثلا عند ارتفاعه، فحدث المجنون حينئذ في حال جنونه سبب، وأما الموجب فهو الذي يثبت عنده الخطاب الوجوبي، والناقض المسبوق بطهارة، ومن المعلوم أن الحدث أعم من ذلك، لصدقه عند عدم
(1) الوسائل – الباب – 1 – من ابواب نواقض الوضوء – حديث 2 (2) و (3) الوسائل – الباب – 2 – من أبواب نواقض الوضوء – حديث 4 – 5