جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج1-ص262
ثم نزح منها أربعون لم يشخصها لأحدهما، ولا معنى للقول بارتفاع النجاسة من أحدهما على الاجمال لابهامه، فلا يصلح لان يكون متعلقا للحكم.
قلت: هذا يؤيد ما ذكرنا سابقا من أن النجاسة المختلفة بمنزلة الواحدة التي مقدرها مجموع التقديرين، ففي المثال مثلا صار مقدره ثمانين، فلا تطهر إلا بها، ولا نقول: أنه طهر من هذه الجهة دون الأخرى، فتأمل جيدا.
(وفي
كالثعالب والأرانب ونحو ذلك (تردد، أحوطه التضعيف) لا ينبغي التردد في عدم التضعيف في المتماثلات بعد فرض تناول دليلها للقليل منها والكثير، كما إذا وقع في البئر عذرة مذابة مرات متعددة، فانه لا إشكال في الاكتفاء بنزح الخمسين، لشمول الدليل، ومثله الدم الكثير.
لا يقال أنه بالوقوع الأول قد اشتغلت الذمة بنزح الخمسين، والوقوع الثاني لا يخلو إما أن يشغل الذمة بالأول، أو لا يشغلها بشئ، أو يشغلها بأمر آخر غير الأول، لا معنى للأول، لكونه تحصيل حاصل، ولا للثاني، لشموله الدليل له، والثالث خلاف المقصود، لأنا نقول الدليل لما دل على أن العذرة المذابة ينزح لها خمسون، وكانت العذرة المذابةماهية صادقة على القليل والكثير، وشغل الذمة بالوقوع الأول لمكان صدق الماهية وجاء الوقوع الثاني انقلب الفرد الأول الى الثاني وصار مصداقا واحدا للماهية، وهكذا كلما يزداد يدخل تحت قول العذرة المذابة، ينزح لها خمسون وليس هذا إلا كتعدد النوع الواحد من الحدث الأصغر أو الاكبر كالبول مرات مرات والجنابة مرات، فتأمل جيدا فانه دقيق.
وأما إذا لم يكن الدليل شاملا للقليل والكثير فالظاهر عدم التداخل، للاستصحاب والأصل المتقدم، وما يقال النجاسة من النجس والواحد لاتتزايد إذ النجاسة الكلبية والبولية موجودة في كل جزء، فلا تتحقق زيادة توجب زيادة النزح، فيه مع مخالفته للأصلين السابقين انا نمنع كون النجاسة من الجنس الواحد لا تتزايد، لان كثرة الواقع تزيد مقدار النجاسة، فيزيد شيوعها في الماء، فيناسبه زيادة النزح، نعم يمكن