جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج1-ص207
سلمت المقدمة السابقة وهي انه ليس لنا ماء واحد بعضه طاهر وبعضه نجس قوي القولبالطهارة مطلقا، ويكون التنبيه على النزح لكونه الفرد الأخف الأخفى التي تختص به، ومسألة السافل والعالي تتأتى هنا ولا تتأتي هنا مسألة الاتمام كرا، وما يظهر من الشهيد (رحمه الله) من عدم الطهارة بالوارد من فوق لعله بناء منه على عدم الاتحاد بذلك كما يقضي به تعليله، ولا ينافيه ما تقدم سابقا من تقوم السافل بالعالي إذا كان كثيرا إذ لعله يفرق بين الدفع والرفع أو يدعي الخصوصية في البئر وإن كان ضعيفا جدا، على انه يشكل بانه لا معنى لانكار الاتحاد مع الواقع من الجاري في البئر والتزام تنجيسه وإلا لحكم بنجاسة الجاري إذا وقع من فوق على أرض نجسة أو ماء نجس فتأمل، وان لم تسلم تلك المقدمة أمكن القول بالطهارة في خصوص ما إذا خرجت عن اسم البئر ودخلت في اسم الجاري الذي يطهر بعضه بعضا، بل يمكن القول بالطهارة مطلقا حتى بالقاء الكر لعموم مطهرية الماء ولو لقوله تعالى: ” وأنزلنا من السماء ماء طهورا ” (1) المراد منه كما عرفت الطاهر في نفسه المطهر لغيره وغير ذلك.
ويكفي في كيفية المطهرية معلومية عدم اعتبار الزيادة على الامتزاج هذا وعن المعالم الاستدلال على الطهارة بشئ آخر قال: ” أما على ما اخترناه من اشتراط الامتزاج بالمعني الذي حققناه فواضح فان ماء البئر والحال هذه يصير مستهلكا مع المطهر فلو كان عين النجاسة لم يكن له حكم فكيف وهو متنجس ولا ريبأنه أخف، وأما على الاكتفاء بمجرد الاتصال فلان دليلهم على تقدير عاميته لا يختص بشئ دون شئ إذ مرجعه الى عموم مطهرية الماء فيدخل ماء البئر تحت ذلك العموم، والأمر بالنزح لا ينافيه لكونه مبنيا على الغالب من عدم التمكن من التطهير بغيره، ولو أمكن في بعض الموارد فلا ريب ان النزح أسهل منه في الأغلب ايضا ” انتهى.
وفيه انه لم يتضح لنا مراده بالاستهلاك.
وكيف وقد تكون البئر أكرارا والملقى كر واحد، والقياس على عين النجاسة قياس باطل لظهور ان عين النجاسة مدار التنجيس
(1) سورة الفرقان – آية 50.