جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج1-ص162
يكن كذلك، هذا مع انه المتيقن من الأدلة المعلوم قطعا وما عداه في محل الشك لعدم ظهور الدليل عليه، والتمسك باصالة الطهارة لا يجدي وكيف يصح ذلك مع ان الشارع قسم الماء الى شيئين يمتنع خلو الواقع من واحد منهما وهما إما الكر أو دون الكر، فلايمكن الحكم بكونه فردا من هذه الكلية أو من هذه الكلية إلا بالعلم أو ما يقوم مقامه، وليس عندنا عموم يقضي بان ما شك في كريته شرعا فهو كر.
لانا نقول لا يخفى على من لاحظ الأخبار الواردة في الكر أن أكثرها على خلاف تلك الدعوى وما اشتمل منها على السؤال عن بعض الأشياء المخصوصة لا ظهور فيه بالتخصيص بوجه من الوجوه، وكثير منها انما هو ابتداء خطاب، مع انه في مقام ضرب القاعدة وإعطاء القانون مع اشتمالها على لفظ الماء الذي هو حقيقة في الطبيعة اينما وجدت، وليس عمومه من جهة الحكمة، مع ان أخبار تحديد الكر سيما أخبار المساحة المفهوم منها إرادة الضرب وإرادة التقدير وهو كالصريح في عدم اعتبار هذا الاجتماع، وإلا لم تكن فائدة عظيمة في إناطة الحكم على الضرب وإرجاع الأمر الى التقدير بالوزن وجعله مقدارا من غير ملاحظة كيفية من الكيفيات، على أن الاقتصار على ما يدعى ظهوره من هذه الأخبار من كون الماء مجتمعا في مثل حوض أو مصنع خلاف الاجماع.
وايضا فالتأمل في أخبار القليل (1) يكاد يحصل القطع منه بعدم شمولها لمثل هذا الرد، فان أكثرها متعلق في حكم الاناء وشبهه، وعمدتها في العموم المفهوم وفي شموله لمثل المقام محل نظر بل منع، وكيف يسوغ للفقيه أن يدرج هذا الفرد تحت أخبار القليل ولا يدرجه تحتأخبار الكر المبنية على التقدير والضرب ونحوهما الظاهرة في الشمول لجميع الأفراد، وان ما ذكر في بعضها من السؤال عن الحياض ونحوها لادلالة فيه على التخصيص، بل هو ظاهر في كون المقصود معرفة حكم هذا الموضوع وانه مورد لا شرط، ولذلك أجابه الامام (عليه السلام) بما يشمل المسئول عنه وغيره، وايضا فان التنجيس لمثل
(1) الوسائل – الباب – 8 – من ابواب الماء المطلق.