ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص332
هذا كله في الكبرى أي في اعتبار إذنه (ع) في كون الأرض خراجية. وامّا الصغرى أي إذنه (ع) في الأراضي التي فتحت بعد النبي
(ص)، فقد أشار إليه المصنف بقوله: (والظاهر أنّ أرض العراق مفتوحة بالإذن) ويستفاد كونها كذلك ممّا دل على أنّ أرض العراق ملك
لجميع المسلمين، كما في صحيحة الحلبي المتقدمة آنفاً، وقريب منها غيرها، حيث إنّها لو كانت مفتوحة بغير إذنه (ع) لما كانت
للمسلمين. ولا يبعد جريان حكم أرض العراق على سائر الأراضي المفتوحة في الإسلام، كما يظهر ذلك من صحيحة محمد بن مسلم عن أبي
جعفر (ع)، قال: «سألته عن سيرة الإمام في الأرض التي فتحت بعد رسول اللّه (ص)؟ فقال: إنّ أميرالمؤمنين (ع) قد سار في أهل
العراق سيرة فهم إمام لسائر الأرضين، وقال: إنّ أرض الجزية لا ترفع عنهم الجزية»(365) حيث إنّ دلالتها ـ على جريان حكم أرض
العراق على سائر الأراضي المفتوحة بعد رسول اللّه (ص) ـ واضحة، ولكن لا دلالة لها على اعتبار إذن الإمام (ع) في كون الأرض
للمسلمين بفتحها عنوة، كما لا يمكن الإعتماد في ذلك على رواية جابر الجعفي أو على ما اشتهر من حضور أبي محمد الحسن (ع) في
بعض الغزوات، لأنّ رواية جابر ضعيفة، ومجرد نقل القميين وضبطها في كتبهم لا يكون كاشفاً عن اعتبارها، كما أنّ حضور أبي
محمد (ع) في بعض الغزوات لا يكشف عن إذن الإمام ورضاه، فلعل حضوره كان لرعاية التقية، وعدم رضاه بذلك الحرب كان لأجل المحذور
في المحاربة في ذلك الوقت، حيث إنّه ربّما لا يكون فتح بلد في وقت معين صلاحاً، لتوقفه على التضحية بأرواح المسلمين
وأموالهم كثيراً، بخلاف تأخيره إلى وقت آخر.
وما ذكر المصنف «ره» في كشف إذن الإمام (ع) في تلك الغزوات بحمل غزوهم على الصحة ـ لا يمكن المساعدة عليه، فانّ الغزو بدون إذن
الإمام (ع) ليس بمحرم، خصوصاً في ذلك الزمان الذي لم يكن فيه خيار للمقاتلين في مخالفة أميرهم. وأيضاً الحمل على الصحة انّما
يتم فيما إذا لم يكن للغزو بغير إذنه أثر ليحكم بفساده، وأثر الغزو بدون إذنه كون الغنيمة للإمام (ع).