ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص327
الصحيح أنّه لو كان المراد بالظنّ المتاخم للعلم هو الإطمئنان فلا يختص اعتباره بصورة خاصة (ثم) إنّ العسر في أقامة البينة
على اطلاق الملك مبني على عدم كفاية اليد في الشهادة بالملكية المطلقة وإلاّ فلا عسر في إقامتها كما لا يخفى. ولا اعتبار لغير ما
ذكر من الامارات الظنية حتى قول أهل التاريخ إلاّ إذا كان من قبيل خبر العدل أو الثقة، حيث أنّه لا يمكن الاعتماد على تلك الظنون
في مقابل أصالة عدم الفتح عنوة أو عدم الصلح على كون الأرض للمسلمين.
(لا يقال): الرجوع إلى أهل التاريخ في إحراز كون الأرض مفتوحة عنوة أو أرض صلح من قبيل الرجوع إلى أهل الخبرة ولا يعتبر في
الرجوع إليهم التعدد والعدالة بل يكفي كون أهل الخبرة ثقة (فانّه يقال): لم يحرز كون الحوادث في أطراف الأرض وأكنافها من الأمور
التي يحتاج إدراكها إلى نظر واجتهاد ليندرج المخبر بها في عنوان أهل الخبرة، بل الظاهر أنّ نقل تلك الحوادث لا يزيد على نقل سائر
الأمور ممّا يكون نقلتها مجرد رواة لها.
(لا يقال): لا يمكن الرجوع إلى أصالة عدم كون الأرض مفتوحة أو أرض صلح على أنّها للمسلمين، فانّه يعارضها أصالة عدم كونها ملكاً
لسائر الناس (فانّه يقال) إذا دار أمر الأرض بين كونها ملكاً لسائر الناس فعلاً أو المفتوحة عنوة أو صلحاً، فالمعارضة صحيحة
ويتساقط الأصلان، وتكون الأرض من المجهول مالكها. وأمّا فيما إذا احتمل أن لا يكون لها مالك فعلاً، كما في أرض خربة لا يحتمل بقاء
مالكها الأول عادة، ولا يعلم له وارث، فيجري أصلان ويحكم عليها بالأنفال. حيث إنّه مع أصالة عدم كونها من المفتوحة عنوة أو ملكاً
لسائر الناس تدخل الأرض في عنوان ما لا ربّ له، المحكوم عليه بكونه ملكاً للإمام (ع)، كما في موثقة اسحاق بن عمار، قال: «سألت أبا
عبداللّه (ع) عن الأنفال؟ فقال: هي القرى التي خربت وانجلى أهلها ـ إلى أن قال: ـ وكل أرض لا ربّ لها»(360).
ثمّ إنّ الرجوع إلى الأصل أو الحكم بكونها لمالكها المجهول إنّما هو على تقدير عدم اليد على تلك الأرض أو اعتراف ذي اليد بعدم كونها
ملكاً له، وإلاّ حكم بكونها ملكاً لذي اليد، فانّها أمارة على الملك.
والحاصل أنّه لو أراد شراء الأرض، فمع يد البايع عليها يحكم بكونها ملكاً له، ومع عدم اليد فلابدّ من المعاملة معها معاملة المجهول
مالكها أو الأنفال، وكذا ما إذا أراد استيجارها كما لا يخفى.