ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص324
[1] أراضي الكفار ـ التي استولى عليها المسلمون بالقهر والقتال المعبر عنها بالمفتوحة عنوة ـ ملك للمسلمين على المشهور، لا
لاشخاصهم على نحو التوزيع، ولا لعنوانهم على نحو ملك الزكاة لعنوان الفقراء، بحيث يكون المأخوذ منها ملكاً شخصياً للآخذ، بل
تلك الأراضي تكون باقية على حالها حتى بعد أخذها واستعمالها ومقتضى تبعية المنفعة للعين دخول منافعها من الخراج والمقاسمة أو
أجرة المثل في بيت مال المسلمين المحكوم عليها بلزوم صرفها في مصالحهم، والمتصدي لذلك من له الولاية عليهم على ما مرّ في
ضمن الأمور المتقدمة.
وفي صحيحة الحلبي قال: «سئل أبو عبداللّه (ع) عن السواد ما منزلته؟ فقال: هو لجميع المسلمين، لمن هو اليوم، ولمن لم يخلق بعد
فقلت الشراء من الدهاقين؟ قال: لا يصلح إلاّ أن تشتري منهم على أن يصيرها للمسلمين، فإذا شاء ولي الأمر أن يأخذها أخذها، قلت فإن
أخذها منه قال يرد عليه رأس ماله، وله ما أكل من غلتها بما عمل»(351).
ودلالة هذه على ما ذكر لا تحتاج إلى مؤنة، فان أرض السواد إمّا مفتوحة عنوة كما عليه المشهور، أو من أرض الصلح بشرط كونها
للمسلمين، كما احتمله المصنف «ره» نعم البناء والآثار لمستعمل تلك الأراضي، ولا تتبع رقبة الأرض، ولذلك يثبت للمستعمل
حق بها، كما ربّما يظهر ذلك من ذيل الصحيحة أيضاً، ونحوها رواية أبي الربيع الشامي عن أبي عبداللّه (ع)، قال: «لا تشتر من أرض
السواد شيئاً إلاّ من كانت له ذمة، فإنّما هو في للمسلمين»(352) والمراد بمن له ذمة هو مستعمل الأرض أو الذي تقبلها بالمعاملة مع
الوالي.
وبمثل هاتين الروايتين يرفع اليد عن الإطلاق والعموم في بعض الروايات الدالة على كون الأراضي ملكاً للإمام (ع)، كما في صحيحة
عبدالملك من قوله (ع) «يا اباسيار الأرض كلها لنا»(353) وما في رواية أبي خالد الكابلي عن أبي جعفر (ع)، قال «وجدنا في كتاب علي
(ع) أنّ الأرض للّه يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين، أنا وأهل بيتي الذين أورثنا اللّه الأرض ونحن المتقون، والأرض كلها
لنا، فمن أحيى أرضاً من المسلمين فليعمرها، وليؤد خراجها إلى الإمام من أهل بيتي، وله ما أكل منها(354).