ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص322
[1] نسب «ره» في هذا الأمر إلى ظاهر كلمات الاصحاب عدم اعتبار الاستحقاق في من يأخذ الزكاة أو الخراج من السلطان أو عماله مجاناً،
ونقل عن المحقق الكركي نسبة ذلك إلى إطلاق الأخبار، وناقش فيه بأنّ الأخبار واردة في شراء الخراج أو الزكاة أو تقبل الأرض من
السلطان، ولا يعتبر في المشتري أو المتقبل أمر زائد على ما في اشتراء سائر الأموال من سائر الأشخاص. ولعله أراد اطلاق ما دلّ على
حل جوائز السلطان، ولكن الأخبار الواردة في حلها واردة في أشخاص خاصة، فيحتمل كونهم مستحقين لبيت المال.
والحاصل أنّ الحكم بنفوذ تصرف الجائر في الخراج على الإطلاق بمعنى امضاء تمليكه لغير مستحقيه أو امضاء تفريقه على غير
صلاحه المسلمين مشكل، كما أنّ الحكم بنفوذ أخذه بأن يكون المأخوذ خراجاً مطلقاً ولو فيما إذا دفعه إليه مستعمل الأرض اختياراً أو
تقبل الارض منه كذلك، مع إمكان المراجعة إلى حاكم الشرع كان مشكلاً (أقول): ورود أخبار حل الجوائز في أشخاص خاصة ممنوع، فانّ فيها
ما يكون من قبيل سائر الإطلاقات، كما في صحيحة محمد بن مسلم وزرارة جميعاً، قالا: «سمعناه يقول جوائز العمال ليس بها بأس»(350)
نعم لا شهادة لها على ما ذكره المحقق الكركي «ره» وذلك لما ذكرنا سابقاً من أنّ الجائزة بمقتضى قاعدة اليد محكومة بكونها ملك الجائر،
وأنّ الجواز في مثل الصحيحة حكم ظاهري تكون غايته العلم بحرمتها، فلا يعم ما إذا أحرز كونها مغصوبة من شخص يعرفه الآخذ، أو أنّها
زكاة لا تحل لغير الفقير وهكذا.
وكأنّ المحقق الكركي مع ذكره اطلاق بعض الأخبار وظاهر الاصحاب في عدم اعتبار الاستحقاق في الآخذ اعتبر الإستحقاق فيه ورفع
اليد عن اطلاق ذلك البعض، واستظهره من كلام العلامة، وذكر في وجه اعتباره قوله (ع) في رواية الحضرمي: «ما يمنع ابن أبي السماك أن
يبعث إليك بعطائك، أمّا علم أنّ لك في بيت المال نصيباً» فانّ مقتضى ذلك أنّ حل بيت المال لأبي بكر باعتبار كونه ذا
نصيب فيها.
وفيه أنّ قوله (ع) (أمّا علم) علة لتوبيخ ابن أبي السماك على تركه ارسال المال إلى السائل، فيستفاد منه حل بيت المال لمن يكون
له فيها نصيباً وأمّا عدم الحل لمن لا نصيب له باعطاء الجائر وتمليكه، فهذا خارج عن مدلوله.