پایگاه تخصصی فقه هنر

ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص317

وأمّا رواية الفيض بن مختار فهي ناظرة إلى بيان أنّه بعد تقبل الارض من السلطان لا بأس باعطائها لساكنيها بأكثر ممّا تقبل

به. وبعبارة أخرى ليس فيها بيان جواز تقبل الأرض من السلطان، بل بيان حكم آخر بعد الفراغ عن الأول.

وأمّا صحيحة محمد بن مسلم وأبي بصير معاً عن أبي جعفر (ع)، فهي ناظرة إلى عدم ثبوت الزكاة على الزارع فيما يأخذه السلطان منه

بعنوان الخراج. وأمّا أن أخذه بذلك العنوان أو معاملته عليه بعد أخذه ممضاة أم لا، فلا دلالة لها على ذلك أصلاً، قال (ع) فيها: «كل أرض
دفعها إليك السلطان، فما حرثته فيها فعليك ممّا أخرج اللّه منها الذي قاطعك عليه، وليس على جميع ما أخرج اللّه منها العشر، إنّما
عليك العشر فيما يحصل في يدك بعد مقاسمته لك»(348).

لأنّ المراد بشبهتهما[1].

[1] أي أنّ مرادهم بالشبهة في قولهم: (ما يأخذه الجائر لشبهة المقاسمة والزكاة) هي شبهة استحقاق أخذها الحاصلة من رعاية مذهب العامة،

نظير شبهة استحقاقه سائر الأموال التي يأخذه من الرعية بعنوان كونه ولي الأمر، وهذه الشبهة لا تتصور في حق الموافق، لأن مذهبه أنّ
ما يأخذه من الرعية باسم الخراج أو الزكاة كسائر الأموال التي يؤخذ منهم ظلماً، ولو كانت له شبهة فهي اعتقاده الشخصي: بأنّ له الأخذ من
أموال الناس للتحفظ على نظام الحكومة وأمن البلاد، ولو كان هذا الإعتقاد بسبب صحيح كالإجتهاد والتقليد، فيجوز له الأخذ والتحفظ
على ذلك النظام. والأمن، وإلاّ لكان باطلاً لا يصحّ لأحد ترتيب الأثر على تصرفاته.

(أقول) لا يعتبر في السلطان أو عماله شبهة الإستحقاق بحسب المذهب، بل الروايات ظاهرة في إمضاء تصرفات السلطان وعماله في

الأراضي الخراجية، وخراجها ومقاسمتها والزكوات وجزية الرؤوس، وليس لنا سبيل إلى إحراز أنّ الزعماء في ذلك الزمان كانوا معتقدين
باستحقاقهم شرعاً لتلك التصرفات. ولعل كان بعضهم ـ كما قيل ـ في هرون ومأمون على اعتقاد بأنّهم ليسوا اهلاً لها، وانّما لم
يتركوها لأهلها، لأنّ حلاوة الزعامة كانت تمنعهم عن ذلك.

والحاصل أنّ المتيقن من تلك الأخبار أنّ من كان له دعوى الزعامة الشرعية على عامة المسلمين، فتصرفاته وتصرفات عماله في

الأموال المزبورة ممضاة، سواء كانت التصرفات لشبهة الاستحقاق أم لمجرد دعوى الولاية عليها. نعم قد تقدم عدم ورود الروايات لبيان هذا
الإمضاء حتى يتمسك بإطلاقها بالإضافة إلى غير هذا السلطان وعماله، كما لا يخفى.