ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص306
(أقول): ما ذكره من قرينة العقل والنقل لا يمكن المساعدة عليه، فانّه ليس في العقل ما يمنع أن تكون الصحيحة أو غيرها ناظرة إلى
إمضاء الشارع تصرفات الجائر للتوسعة على الآخرين، نظير تحليل الخمس للشيعة، كما أنّه ليس في النقل ما يمنع عن ذلك، غير
العمومات التي يرفع اليد عنها بالخصوصيات.
وممّا ذكرنا يظهر أنّ ما ذكره السيد الخوئي طال بقاه ـ من صراحة الفقرة الأولى في جواز شراء الصدقة من السلطان وعماله ـ غير تام،
وأنّ دلالتها على الجواز لا يتجاوز حدود الظهور ومعه لا حاجة أي اتعاب النفس في الفقرتين الأخيرتين ولو انّ ظهور القاسم في من
يكون شغله القسمة تام. وهذا لا ينطبق إلاّ على عامل السلطان كما لا يخفى.
[1] وهي مضمرة قال: «سألته عن الرجل يشتري من العامل، وهو يظلم؟ قال: يشتري منه ما لم يعلم أنّه ظلم فيه أحداً»(343) وظهورها في
الشراء من عامل السلطان ما هو عامل فيه غير قابل للخدشة وحملها على السؤال عن معاملة الظلمة والفسقة بعيد غايته.
[2] وسندها معتبر، فانّ أبا بكر الحضرمي موثق بتوثيق عام باعتبار كونه من مشايخ ابن أبي عمير، وواقع في اسناد تفسير علي
بن إبراهيم وكامل الزيارات، قال «دخلت على أبي عبداللّه (ع) وعنده إسماعيل ابنه، فقال: ما يمنع ابن أبي السماك أن يخرج شباب
الشيعة“»(344) والمراد إخراجهم للعمل حتى يعملون له ما يعمل له سائر الناس.
وذكر الأردبيلي «ره» عدم دلالة هذه أيضاً على جواز أخذ الخراج ونحوه من السلطان وعامله، فانّه يمكن أنّ المراد من بيت المال في
الرواية ما يجوز أخذه بأن يكون منذوراً أو وصية لجماعة، منهم شباب الشيعة وأبو بكر الحضرمي. وكان إنفاذ الوصية أو النذر على ابن
أبي السماك بحسب الوصية إليه أو النذر.
ولا يخفى ما فيه لظهور بيت المال فيما كان متعارفاً في ذلك الزمان من الأموال المأخوذة خراجاً أو مقاسمة أو زكاة أو جزية، وحملها على
غير ذلك بلا قرينة بلا وجه، وذكر السيد الخوئي طال بقاه أنّ الرواية دالة على جواز أخذ المستحق بمقدار نصيبه، بل مقتضاها عدم
جواز الأخذ لغير المتستحق. والمدعى جواز الأخذ مطلقاً.
وفيه أنّ الإستدلال بالرواية في مقابل صاحب الرسالة والأردبيلي، حيث منعاً عن الأخذ حتى فيما إذا كان الآخذ مستحقاً للخراج أو
الزكاة اللّهمّ إلاّ أن يقال جواز الأخذ المتسحق لا يحتاج إلى الرواية، لأنّ المال بوصوله إلى يده يصير خراجاً أو زكاة، وإنّما المحتاج
إليها جواز الأخذ لغير المتستحق، ولا دلالة في الرواية لا على جوازه ولا على منعه.