پایگاه تخصصی فقه هنر

ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص296

(لا يقال): الإتلاف في المقام يكون بإذن الشارع وأمره، والإتلاف بإذنه كالإتلاف بإذن المالك لا يوجب الضمان، كالإذن في أكل المار من

الثمرة في طريقة: (فانّه يقال) يحتمل أن يكون إذنه في المقام في الاتلاف نظير إذنه في التصرف في اللقطة، وفي ايداع الغاصب
مال الغير عنده، فأنّه لا يجوز له رده إلى الغاصب، بل يجب عليه ـ بعد تعريف المال سنة كاملة ـ التصدق به مع الضمان، كما دلت عليه
الرواية، بل ليس في المقام رواية دالة على التصدق بالمال ساكتة عن ذكر الضمان، مع ظهور المالك حتى يستظهر عدم الضمان من
السكوت في مقام البيان.

(أقول): قد ذكرنا أنّ الضمان المطلوب في المقام ـ نظير الضمان المطلوب في مورد التصدق باللقطة ـ لا يثبت بقاعدة الإتلاف، فإنّ

مقتضى تلك القاعدة ثبوت المال بالتصدق، على عهدة المتلف وقد عبر المصنف «ره» عن ذلك بكون الإتلاف علة تامة للضمان.
والمطلوب في المقام ثبوت المال على العهدة بإظهار المالك عدم رضاه بالتصدق، وقد عبر «ره» عن ذلك بالضمان المراعي بعدم إجازة
المالك، وهذا الضمان يحتاج إلى دليل آخر غير قاعدة الإتلاف، نظير ما قام عليه في اللقطة. والإلتزام ـ في المقام أيضاً بالضمان
بمجرد التصدق وارتفاعه بإجازة المالك لقاعدة الإتلاف ـ غير ممكن، لاستلزامه ثبوت المال على العهدة وعدم انتقال جميع التركة إلى
الورثة، حتى فيما إذا لم يظهر المالك بعد التصدق ليظهر رضاه أو عدمه. وما تقدم من عدم ثبوت رواية في المقام ساكتة عن الضمان
عجيب، فإنّه لم يكن من الضمان في الروايات المتقدمة، ذكر ولو كان في البين ضمان لورد ذكره في تلك الروايات، نظير وروده في
أخبار باب اللقطة.

والحاصل أنّه لو لم يكن عدم الضمان مقتضى الإطلاق في الروايات المتقدمة فلا ينبغي الريب في أنّه مقتضى الأصل. بل ذكر

السيد الخوئي طال بقاه أنّ ثبوت الضمان في المقام بقاعدة الإتلاف غير ممكن، فانّ القول به يستلزم التسلسل، فانّه إذا تصدق
بالمال المجهول مالكه يثبت بدله في ذمته. وبما أنّ البدل أيضاً مالكه مجهول، يجب التصدق به أيضاً. ويجري الكلام في بدل هذا
البدل، وهكذا. ولا يقاس المقام باللقطة، فانّ الثابت على الذمة لا تكون لقطة حتى يجب التصدق به أيضاً.

ولا يخفى ما فيه، فانّ وجوب التصدق لا يكون حكماً لأي مال مجهول مالكه نظير الأحكام العقلية حتى يوجب الإلتزام به ذلك المحذور

أو غيره بل حكم ورد في بعض الموارد، وتعدينا منها إلى موارد أخرى من الأموال الخارجية، وإلى الديون التي تثبت على الذمة من غير
ناحية التصدق. والصحيح أنّ الضمان بقاعدة الإتلاف مختص بموارد الإتلاف على المالك، كمن يأكل طعام الغير للإضطرار وإنقاذ
حياته، ولا تعم القاعدة موارد الإتلاف إحساناً إلى المالك، كما في المقام، والضمان بنحو آخر نظير الثابت في موارد اللقطة لم يقم
عليه دليل. والأصل عدمه واللّه العالم.