ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص292
وذكر المصنف «ره» أنّه مع الإغماض عن الأخبار الواردة في حكم المال المجهول مالكه أو المعتذر الوصول إليه، يتعين على من يقع المال
بيده دفعه إلى الحاكم، لأنّ له على المالك الغائب أو المجهول ولاية، وإذا دفعه إليه ينظر الحاكم إلى شهادة الحال، فلو أحرز رضاه
بالتصدق أو الإمساك له فعل ذلك، وإذا لم يحرز رضاه بأحدهما جاز له كل منهما، كما هو الحال في جميع موارد دوران الفعل بين الوجوب
والحرمة، ولا يكون عليه ضمان، سواء أمسك المال أو تصدق به كما هو مقتضى تصرف الولي في المال لمصلحة المولى عليه، ولكن
يختص التخيير في موارد دوران أمر الفعل بين الوجوب والحرمة بما إذا لم يكن في البين أصل معين لأحد التكليفين. وفي المقام
أصالة الفساد في التصدق أو أصالة عدم رضا المالك بغير الإيصال له، تعين وجوب الإمساك. وأمّا بملاحظة تلك الأخبار فظاهرها عدم
جواز الإمساك ووجوب التصدق، فيكون الإمساك تصرفاً لا يعلم رضا صاحبه به ولا رضا الشارع.
ثمّ إنّه بملاحظة الأخبار يجب التصدق على من يكون المال بيده، غاية الأمر لا تعتبر المباشرة في التصدق، بل يجوز له إيكاله
إلى الحاكم، لأنّه أعرف بموارد التصدق، وله على الفقراء ولاية، بأن يأخذ ما يجب دفعه إليهم من الصدقات الواجبة وغيرها. ويحتمل أن لا
يجوز له التصدق، بل يجب دفع المال إلى الحاكم أو الاستئذان منه، لأنّ التصدق وظيفة الحاكم، ومنشأ ذلك أنّ المذكور في الأخبار ـ
وهو وجوب التصدق بالمال ـ هل هو من قبيل بيان وظيفة من يكون المال بيده، أو أنّ الأمر بالتصدق فيها باعتبار كون أمره (ع)
توكيلاً في التصدق، أو تكون الأخبار ناظرة إلى مصرف ذلك المال. ويؤيده كونها لبيان المصرف، أنّ جملة من الأفعال التي يكون
القيام بها موقوفاً على إذن الحاكم، مذكورة في الأخبار بطريق الحكم العام، أي لم يذكر أنّها مختصة بما إذا كان بإذن الحاكم، ككون إقامة
البينة وظيفة المدعي، والحلف وظيفة المنكر، والمقاصة من الممتنع للحق جائز وغير ذلك.