پایگاه تخصصی فقه هنر

ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص291

والحاصل أنّ ظاهر ما تقدم وجوب التصدق بالعين المجهول مالكها بعد الفحص واليأس عن الظفر به، ولا تصلح هذه الصحيحة لرفع

اليد عنه، لعدم إحراز ظهورها في غير موارد الدين كما لا يخفى. ورواية نصر بن حبيب صاحب الخان، قال: «كتبت إلى عبد صالح (ع)
لقد وقعت عندي مأتا درهم وأربعة دراهم، وأنا صاحب فندق، وقد مات صاحبها ولم أعرف له ورثة، فرأيك في اعلامي حالها، وما أصنع بها فقد
ضقت بها ذرعاً، فكتب أعمل فيها وأخرجها صدقة قليلاً قليلاً، حتى يخرج»(335) وظاهرها تجويز للتصرف في المال المفروض
فيها، والتصدق بمقداره قليلاً قليلاً من منافعه، ولكن الرواية ضعيفة سنداً، ولا أعلم الإفتاء بمضمونها من أحد، ولعل المال كان
لمن لا وارث له وانتقل إلى الإمام (ع) بالإرث، فإذن لمن بيده في التصرف فيه بالنحو المزبور، ورواية الهيثم بن أبي روح صاحب
الخان، قال: «كتبت إلى عبد صالح أنّي أتقبل الفنادق، فينزل عندي الرجل فيموت فجأة ولا أعرفه ولا أعرف بلاده ولا ورثته،
فيبقى المال عندي كيف أصنع به؟ ولمن ذلك المال؟ قال: أتركه على حاله»(336) وهذه أيضاً ضعيفة سنداً، ومع الإغماض عن سندها
فيقيد إطلاق وجوب إبقاء المال بما لم يحصل اليأس عن صاحبه، وإلاّ يتصدق به كما هو مقتضى الجمع بين هذه وما تقدم. ويظهر من
بعض الأخبار أنّ المال المجهول مالكه ملك للإمام (ع) فيجري عليه ما يجري على سائر ماله (ع). وفي رواية داود بن أبي يزيد عن أبي
عبداللّه (ع) قال: «قال رجل: إنّي قد أصبت مالاً وأنّي قد خفت فيه على نفسي، ولو أصبت صاحبه دفعته إليه وتخلصت منه؟
قال: فقال أبو عبداللّه (ع): واللّه لو أن أصبته كنت تدفعه إليه؟ قال: أي واللّه، قال: فانا واللّه ما له صاحب غيري، قال:
فاستحلفه أن يدفعه إلى من يأمره، قال: فحلف، فقال: اذهب فاقسمه بين إخوانك ولك الأمن ممّا خفت منه، فقال فقسمته بين
إخواني»(337).