پایگاه تخصصی فقه هنر

ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص288

و(منها) أنّ الفحص عن المالك في المقام لا يقيد بالسنة، بل الجاري عليه حكم مطلق المال المجهول مالكه وهو وجوب الفحص، حتى

يحصل الاطمينان بعدم إمكان الظفر بالمالك المعبر عنه في بعض الكلمات باليأس. ومادام لم يحصل هذا اليأس، لا يجوز التصرف في
المال بالتصديق، سواء كان ذلك قبل تمام السنة أو بعدها بخلاف اللقطة، فانّه يجوز التصرف فيها بالتصدق أو بالتملك بعد تمام
سنة الفحص، ولو مع عدم اليأس عن الظفر بمالكها.

وبعبارة أخرى الإطمئنان بعدم الظفر بالمالك طريق معتبر إلى عدم التمكن من رد المال إلى صاحبه، فيسقط معه وجوب رده إليه

بطلبه. ولا دليل على تنزيل المقام باللقطة. نعم ربّما يذكر على ذلك رواية حفص بن غياث عن أبي عبداللّه (ع) «عن رجل من
المسلمين أودعه رجل من اللصوص دراهم ومتاعاً، واللص مسلم هل يرد عليه؟ فقال: لا يرده، فإن أمكنه ان يرده على اصحابه فعل، وإلاّ كان
في يده بمنزلة اللقطة يصيبها، فيعرفها حولاً، فإن أصاب صاحبها ردها عليه، وإلاّ تصدق بها، فإن جاء طالبها بعد ذلك خيره بين
الأجرة والعزم“»(329).

ولكنّها باعتبار الخدشة في سندها غير صالحة للاعتماد عليها، ولعله لذلك الحقا في النهاية والتحرير الوديعة بمطلق المجهول مالكه،

خلافاً لما عن المصنف وغيره من التعدي من اللص إلى مطلق الغاصب والظالم، وعدم التعدي من الوديعة إلى غيرها.

نعم في السرائر فيما نحن فيه يعني في جوائز السلطان روي أنّها بمنزلة اللقطة ولعل هذا مبني على التعدي من موارد الرواية، لا

أنّ في البين رواية أخرى واردة في جوائز السلطان، ودالة على أنّها مع العلم بحرمتها بمنزلة اللقطة كما لا يخفى.

و(منها) أنّ الحكم المال فيما نحن فيه بعد اليأس عن الظفر بمالكه قبل الفحص أو بعده هو التصدق به عن مالكه، كما في سائر المال

المجهول مالكه، والحكم بالتصدق هو المشهور، وفي السرائر (أنّ الجائزة مع العلم بحرمتها ترد إلى أربابها فإن لم يعرفهم واجتهد في
طلبهم فقد روي أصحابنا أنّه يتصدق بها) وذكر المصنف «ره» أنّ هذه المرسلة يجبر ضعف سندها بالشهرة المحققة، ويؤيد مضمونها
أنّ التصدق أقرب طريق للإيصال إلى المالك. ولا يبعد دعوى كون التصدق بالمال عن مالكه ممّا يعلم رضا المالك به بشهادة الحال. وما
في السرائر ـ بعد نقل المرسلة من أنّ الأحوط حفظ المال والوصية به ـ فهو إيقاع المال في معرض التلف.

(أقول): من المحتمل قريباً أن يكون قول ابن إدريس أنّه قد روى أصابنا (الخ) من جهة استفادته من رواية علي بن أبي حمزة المتقدمة،

فلا مجال للقول بأنّها مرسلة مؤيدة بأخبار اللقطة وبالخبر الوارد في كسب المال في ديوان بني أمية وغيره، بل لابدّ من ملاحظة
تلك الأخبار والإغماض عن دعوى وجود المرسلة كما لا يخفى.