پایگاه تخصصی فقه هنر

ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص287

و(منها) أنّه لو ادعى المال شخص، ففي سماع دعواه سواء كانت مع توصيفه المال أولا، حيث أنّه تقبل دعوى المالكية فيما إذا كانت بلا

معارض، أو مع توصيفه المال، تنزيلاً للمقام باللقطة، أو يعتبر إحراز المالكية بطريق معتبر كالبينة أو الإطمئنان؟ وجوه الأظهر هو
الأخير، كما هو مقتضى قوله سبحانه: «إنّ اللّه يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها» وقوله (ع) في موثقة أبي بصير: «حرمة مال المؤمن
كحرمة دمه»(326) فإنّ مقتضاها أيضاً لزوم ردّ المال إلى مالكه، ولا دليل على أنّ مجرد دعوى المالكية طريق شرعي إلى إحراز المالك،
حتى مع توصيف المال، وحتى في باب اللقطة. وأصالة الصحة في دعواه لا تثبت أنّ المال ملكه، بل مدلولها عدم نسبة الكذب إليه
بتلك الدعوى، كما هو مقتضي حمل فعل المسلم على الصحيح، بمعنى عدم صدور الحرام منه. نعم إذا لم يكن الشخص واضعاً يده على
المال حتى يجب عليه رده إلى مالكه، فلا يبعد أن يجوز له المعاملة مع مدعيه معاملة المالك، وفي رواية منصور بن حازم عن أبي عبداللّه
(ع)، قال: «قلت عشرة كانوا جلوساً في وسطهم كيس فيه ألف درهم، فسأل بعضهم بعضاً ألكم هذا الكيس؟ فقال كلهم: لا، وقال واحد منهم
هو لي، فلمن هو؟ قال: للذي ادعاه»(327) وظاهرها سماع دعوى الملكية، ولكنّها ضعيفة سنداً، فإنّ محمد بن الوليد الواقع في سندها هو
الخراز المعتبر أو الصير في الضعيف، كل محتمل، إلاّ أنّها تصلح لتأئيد ما ذكرنا، لأنّ سماع الدعوى في الفرض مقتضى
السيرة العقلائية كما لا يخفى.

ثمّ إنّه إذا لم يكن الشخص مستولياً على مال الغير كما في الحيوان إذا دخل داره أو الثوب جائت به العاصفة، فلا يبعد القول بعدم

لزوم الفحص عن مالكه، بل يجب الرد إليه إذا عرفه ولو بعد حين، كما يشهد لذلك ذيل صحيحة أبي نصر، قال: «سألت أبا الحسن الرضا
(ع) عن الرجل يصيد الطير الذ يسوي دراهم كثيرة، وهو مستوي الجناحين، وهو يعرف صاحبه أيحل له إمساكه؟ فقال: إذا عرف صاحبه رده
عليه، وإن لم يكن يعرفه وملك جناحه فهو له، وإن جائك طالب لا تتهمه رده عليه»(328) وظاهر عدم اتهامه الوثوق بقوله، ولكن في دلالتها
على ما ذكرنا تأمل كما لا يخفى.

و(منها) أنّه لو احتاج الفحص عن المالك إلى بذل المال، فهل يجب الفحص والبذل على الآخذ أ لا؟ لا ينبغي التأمل في وجوب الفحص

على الآخذ، سواء كان الفحص موقوفاً على صرف المال أو عدمه، ويقتضيه إطلاق الأمر بالطلب في مثل صحيحة معاوية بن وهب
المتقدمة، وإطلاق وجوب الرد في الآية المباركة، وصرف المال من كيس المالك المجهول بالاستدانة عليه أو بيع بعض المال، ويكون
المتصدي للبيع والاستدانة الحاكم الشرعي أو وكيله ولكن لا دليل على شيء من ذلك في موارد كون الأخذ بعنوان العدوان أو للجهل،
بحيث لا يكون الآخذ معه محسناً إلى المالك. وحديث نفي الضرر لا ينفي وجوب الرد في تلك الموارد، لأنّ صرف المال من كيس المالك
أو عدم وجوب الرد إلى المالك ضرر على المالك. ويختص جريان نفي الضرر بموارد كون النفي للامتنان.

نعم لو كان الأخذ إحساناً إلى المالك كما في موارد إنقاذ المال من التلف، يكون مقتضى آية نفي السبيل عدم وجوب صرف المال من كيس

الآخذ، فتعين الاستدانة أو بيع بعض المال، ويباشر بذلك الحاكم أو وكيله من باب الحسبة، وبهذا يظهر الحال في اللقطة أيضاً، فإن
أخذها في موضع التلف يوجب كونه محسناً، فلا يجب عليه تحمل مؤنة إيصالها إلى مالكها أو أجرة تعريفها، بخلاف ما التقطها في موضع
يؤمن عليها من التلف كما لا يخفى.