ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص286
وقريب منها صحيحة معاوية بن وهب عن أبي عبداللّه (ع) «في رجل كان له على رجل حق، ففقده ولا يدري أين يطلبه، ولا يدري أحي أو
ميت، ولا يعرف له وارثاً ولا نسباً ولا ولداً، قال: أطلب، قال: إنّ ذلك قد طال فاتصدق به؟ قال: أطلبه»(324) فانّ دعوى أنّ
المستفاد منهما ومن غيرهما حكم المال المجهول مالكه بحيث يعم الجائزة المأخوذة من الجائر قريبة جداً. وعلى ذلك فلا محال لما ذكره
المصنف «ره» من أنّه يحتمل غير بعيد عدم وجوب الفحص عن مالك المال المأخوذ من الجائر، بأن يجوز التصدق به، أخذاً بإطلاق بعض
الأخبار الواردة في التصدق مع عدم معرفة صاحبه، كرواية أبي حمرة عن أبي عبداللّه (ع)، وفيها: «فأخرجت من جميع ما كسبت في
ديوانهم، فمن عرفت رددت عليه ماله، ومن لم تعرف تصدقت به»(325).
(أقول): قد ذكرنا ظهور الروايات في لزوم الفحص، وعليه فلابدّ من رفع اليد عن إطلاق مثل هذه بحملها على صورة عدم الظفر على مالك
المال بعد الفحص مع أنّ هذه لضعف سندها غير صالحة للاعتماد عليها.
وذكر السيد الخوئي طال بقاه أنّ رواية علي بن أبي حمزة يعارضها قول سبحانه: «إنّ اللّه يأمركم أن تردوا الأمانات إلى أهلها»
والمعارضة بالعموم من وجه، لشمول الآية للأمانات المالكية والشرعية، ولكنّها مختصة بصورة التمكن على الرد إلى المالك، كما هو
مقتضى الأمر بالرد إليه، ورواية أبي حمزة مختصة بالأمانات الشرعية، ولكنّها مطلقة من جهة التمكن من الرد إلى المالك وعدمه، فإنّ
مدلولها وجوب التصدق بالمال، سواء كان متمكناً من رده إلى صاحبه بالفحص أم لا، ففي صورة التمكن من الرد بالفحص عنه تقع
المعارضة بينهما، وبعد تساقطهما يرجع إلى ما دلّ على عدم جواز التصرف في مال الغير بلا رضاه، وأنّ حرمة ماله كحرمة دمه.
وفيه أنّه لا تجتمع الآية ورواية أبي حمزة بحسب المورد أصلاً، حتى يقال بتساقط إطلاقي وجوب اداء المال إلى مالكه، ووجوب
التصدق به ولو مع احتمال التمكن من الردّ إليه بالفحص، حيث إنّ المال ـ المحكوم عليه في الرواية بوجوب التصدق به مع عدم عرفان
مالكه ـ لا يكون من قسم الأمانات لا المالكية ولا الشرعية لتعمه الآية، فالصحيح في الجواب ما تقدم.