پایگاه تخصصی فقه هنر

ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص277

(لا يقال): لابدّ من حمل الجواز في هذه الأخبار على الحلية الواقعية. و(بعبارة أخرى) تكون مثل صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم جميعاً

عن أبي جعف (ع)، قال: «جوائز السلطان لا بأس بها»(317) خاصة يرفع بها اليد عن عموم ما دلّ على حرمة أكل مال الغير بلا رضاه،
ويكون المورد نظير ما ورد في لقطة الحيوان: من جواز تملكها مطلقاً، وفي لقطة غيره، من جواز تملكها بعد تعريف سنة، وما ورد في جواز
أكل المار من الثمار من طريقه، حتى مع إحراز عدم رضا صاحبه.

(فانّه يقال) المراد بالحلية في الروايات المشار إليها هي الظاهرية، بشهادة مثل صحيحة أبي عبيدة الحذاء، قال (ع) فيها في جواب

السؤال عن الشراء من السلطان: «وما الابل إلاّ مثل الحنطة والشعير وغير ذلك لا بأس به حتى تعرف الحرام بعينه»(318) فانّها شاملة
للجائزة. وعدم البأس فيها مقيد بعدم عرفان الحرام، نظير سائر الخطابات المتضمنة للأحكام الظاهرية. ويلزم على القائل بالحلية
الواقعية الإلتزام بها حتى في صورة العلم تفصيلاً بحرمة الجائزة، أخذاً باطلاق نفي البأس عن الجائزة.

وربّما يظهر الإلتزام بذلك من المحقق الإيرواني، ولكن مع عدم عرفان مالكه، نعم يمكن دعوى الحلية الواقعية في موردين: (أحدهما) ما إذا

أخذ الربا مع جهله بحرمته، بلا فرق بين كون ذلك الربا مخلوطاً بغيره أو متميزاً و(ثانيهما) إذا وصل مال إلى يد الوارث، مع علمه بأنّ
فيه ربا، فانّ جميع المال يكون حلالاً للوارث، مع اختلاطه، وفي صحيحة أبي المغراء عن أبي عبداللّه (ع)، قال: «كل رباً أكله
الناس بجهالة، ثمّ تابوا، فانّه يقبل منهم إذا عرف منهم التوبة، وقال: لو أنّ رجلاً ورث من أبيه مالاً، وقد عرف أنّ في ذلك المال
رباً، ولكن اختلط في التجارة بغير حلال كان حلالاً طيباً، فليأكله، وإن عرف منه شيئاً أنّه رباً فليأخذ رأس ماله، وليرد
الرباء وأيما رجل أفاد ما لا كثيراً قد أكثر فيه الربا، فجهل ذلك ثم عرفه، فأراد أن ينزعه فما مضى له، ويدعه فيما يستأنف»(319).

ومثلها صحيحة الحلبي عن أبي عبداللّه (ع)، قال: «أتي رجل أبا عبداللّه (ع)، فقال إنّي ورثت مالاً، وقد علمت أنّ صاحبه الذي

ورثته منه قد كان يربي، وقد عرف أنّ فيه رباً، واستيقن ذلك، وليس يطيب لي حلاله لحال علمي فيه، وقد سألت فقهاء العراق وأهل
الحجاز، فقالوا لا يحل أكله؟ فقال أبو جعفر (ع): إن كنت تعلم بأن فيه مالاً معروفاً رباً، وتعرف أهله فخذ رأس مالك ورد ماسوى ذلك،
وإن كان مختلطاً فكله هنيئاً، فانّ المال مالك واجتنب ما كان يصنع صاحبه“»(320).