پایگاه تخصصی فقه هنر

ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص276

وإن أراد من النص صحيحة أبي ولاد، فقد ذكر المصنف «ره» فيها ثلاثة احتمالات، وليس عليها خصوصية لجوائز السلطان، قال أبو

ولاد: «قلت لأبي عبداللّه (ع)، ما ترى في رجل يلي أعمال السلطان، وليس له مكسب إلاّ من أعمالهم وانا أمر به وأنزل عليه،
فيضيفني ويحسن إلي وربّما أمر لي بالدراهموالكسوة، وقد ضاق صدري من ذلك؟ فقال: خذ منها فلك المهنأ وعليه الوزر»(315).

والاحتمالات (أولها) كون الواصل إلى الشخص من العامل مالاً مشتبهاً بالشبهة البدوية، فان العامل المفروض باعتبار حرمة عمله،

يكون كسبه محرماً، وحلية طعامه أو هديته للغير، باعتبار احتمال كونهما من أمواله الشخصية. بالإفتراض أو الشراء في الذمة، لا من أجرة
عمله.

و(ثانيها) أن يعلم الآخذ بكون المأخوذ من أجرة عمل العامل. وبما أنّ الأجرة تكون من الخراج أو المقاسمة المباحة للشيعة، فيجوز للأخذ

تملكها والتصرف فيها، فله المهنأ، بخلاف العامل، فانّه لا يحل له، فيكون عليه وزرها، إذ لو فرض أنّ المال من غير الخراج والمقاسمة،
يكون محرماً على الآخذ أيضاً، باعتبار كونه إمّا ملكاً شخصياً للسلطان وقد أعطاه للعامل أجرة على عمله الحرام، أو ملكاً لسائر
الناس وقع بيد العامل جوراً، فلا يكون الإطعام به أو هديته من المالك الشرعي، حتى يحل للاخذ.

و(ثالثها) كون الواصل من الأموال الموجودة عند العامل المعلوم إجمالاً حرمة بعضها، وحلية المأخوذة باعتبار أصالة الصحة الجارية في

إطعام العامل وإحسانه، ولا تعارض بأصالة الصحة في سائر الأموال التي عنده، لأنّ أصالة الصحة فيها لا تكون ذات أثر بالإضافة إلى
السائل.

(أقول) قد مرّ أنّه لا مجرى لأصالة الصحة في أمثال المقام من موارد الشك في السلطنة على التصرف، فانّ العمدة في وجه اعتبارها هي

السيرة التي لم يحرز جريانها في مارد الشك في سلطنة الفاعل. نعم لا بأس بالأخذ بقاعدة اليد بالإضافة إلى المأخوذ من مثل العامل
المفروض، ولا تعارض باليد على سائر الأموال التي عنده على ما مر، كما يمكن أن يكون وجه حل المأخوذ للسائل كونه من المال المجهول
مالكه، وقد أجاز (ع) تصرف السائل فيه بالتملك أو غيره صدقة عن مالكه، فيكون المال وزراً على العامل لجوره في أخذه، ومهنا للاخذ كما
لا يخفى.

وممّا ذكرناه يظهر الحال في رواية أبي المغراء أو غيرها قال: «أمر بالعامل فيجيزني بالدراهم آخذها؟ قال: نعم، وقلت أحج بها؟ قال: وحج

بها»(316) فإنّ المفروض كون المأخوذ مجرى لقاعدة اليد، ومقتضاها جواز تملك ذلك المال وصحة التصرفات الجارية عليه.