پایگاه تخصصی فقه هنر

ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص267

والحاصل أنّ المراد بالنهي عن بيع المصاحف هو المنع عن بيع الأوراق بملاحظة كونها موصوفة بالكتابة القرآنية. وبهذا يظهر أن ما

ذكره المصنف «ره» من أي النقوش ان لم تعد من الأعيان المملوكة عرفاً، بل من صفات المنقوش الذي تتفاوت قيمته بوجودها وعدمها،
فلا حاجة إلى النهي عن بيع الخط، فانّه لا يقع بازائه جزء من الثمن ليقع في حيز النهي ـ لا يمكن المساعدة عليه، لما ذكرنا من كون
الخطوط وصفاً مقوماً، نظير بيع آلات اللهو، وانّ النهي مقتضى عدم جواز لحاظ هذا الوصف في مقام المبادلة، على ما تقدم في بيع
الآلات.

نعم ذكرنا أنّه لابدّ من حمل النهي على الكراهة أي على كراهة ايقاع المعاملة على المصحف بما هو مصحف، وأنّ اللازم في التخلص من هذه

الكراهة جعل الثمن بازاء الأوراق بما هي أوراق، والثمن المأخوذ وإن كان زائداً على ثمن الأوراق، والزيادة بداعي اتصاف تلك الأوراق
بالكتابة القرآنية، الا أنّه لا يذكر هذه الجهة في العقد، بل يذكر فيه عنوان الأوراق والحديد، وبعد انتقال الأوراق إلى المشتري يكون
مالكاً لها بما هي مصحف، حيث تقدم تبعية الخطوط، وانّه لا يمكن كونها ملكاً لشخص، والأوراق ملكاً لآخر.

(لا يقال) لا فرق بين النهي في المقام وبين النهي عن بيع آلات اللهو، غاية الأمر عدم المالية في تلك الآلات باعتبار خستها، وفي

المصحف باعتبار عظمته، كما يرشد إلى ذلك، قوله في مضمرة عثمان بن عيسى: «لا تشتر كلام اللّه» وعلى ذلك يكون النهي عن
بيع المصحف نظير النهي عن بيع تلك الآلات حقيقياً، لا راجعاً إلى صورة العقد كما تقدم، نعم يجوز بيع الأوراق والحديد من
المصحف نظير بيع المواد من الآلات.

(فانّه يقال) إنّ تجويز بيع المصحف في صحيحة أبي بصير المتقدمة وتجويز أخذ الأجرة على كتابته في موثقة روح بن

عبدالرحيم قرينة على اختلاف الحكم في المقام، وأنّ ايقاع المعاملة على المصحف كإيقاعها على سائر الكتب مكروه، ولابدّ من
التخلص عن الكراهة من إيقاعها على الاوراق والحديد، فيكون هذا حكماً راجعاً إلى صورة العقد، ولا يتعين بيع المصحف بقيمة الأوراق
والحديد، كما كان يتعين ذلك في بيع الآلات، على تأمّل كما لا يخفى.