پایگاه تخصصی فقه هنر

ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص266

ومقتضى الجمع بين الطائفتين هو حمل المانعة على الكراهة. ولكن ذكر المصنف «ره» أنّ صحيحة أبي بصير لا تصلح أن تكون

قرينة على صرف النهي في سائر الروايات إلى الكراهة، فان مدلولها أنّه لم يكن في الصدر الأول تحصيل المصاحف بالشراء، وانّما
حدث ذلك أخيراً. وأمّا كيفية بيعها وشرائعها وهل هو مثل سائر الكتب أم لا؟ فلا دلالة لها على المماثلة إلاّ بالاطلاق أي السكوت في
مقام البيان فيرفع اليد عن ذلك بمثل رواية عبدالرحمن المتقدمة الدالة على الكيفية المعتبرة في بيع المصاحف وشرائها، بل هذا
الاطلاق أيضاً يمكن منعه بعدم كون الرواية في مقام البيان من جهة الكيفية ليمكن دعوى اطلاقها.

وبهذا يظهر الحال في رواية عنبسة الوراق، قال: «سألت أبا عبداللّه (ع)، فقلت: إنّي رجل أبيع المصاحف، فان نهيتني لم أبعها،

فقال ألست تشتري ورقاً وتكتب فيه، فقلت: بلي وأعالجها، فقال لا بأس بها»(308) فانّ ظهور هذه في جواز بيع المصاحف كسائر
الكتب بالاطلاق وبالسكوت في مقام البيان، فيرفع اليد عنه بالبيان الوارد في الروايات المتقدمة.

(اقول): لابدّ من رفع اليد عن الأخبار المانعة بحملها على الكراهة، فانّه قد ورد في موثقة روح بن عبدالرحيم المتقدمة نفي البأس عن

الكتابة بالأجر، ولو لم يكن لخط القرآن مالية، باعتبار عظمته لم تكن كتابته من الأعمال التي لها قيمة.

والحاصل أنّه لا يحتمل الفرق بين الأجر على كتابه القرآن وبين بيعه، وجواز الأول كاشف عن جواز الثاني. هذا مع أنّ ظاهر السؤال

في مثل صحيحة أبي بصير بقوله (فما ترى في شرائها) هو السؤال عن جواز شراء المصاحف بالنحو المتعارف في سائر الكتب،
فيكون جوابه (ع) بالجواز راجعاً إلى ذلك النحو، وهذا من الظهور الوضعي لا الاطلاقي ليتوقف على تمامية مقدماته، وذلك فانّ دلالة
اللفظ الموضوع للكتاب عليه بالوضع واضافة البيع إليه ظاهرة بمقتضى وضع الاضافة، في تعلقه بعنوان ذلك الكتاب كما لا
يخفى.

بقي الكلام في المراد من حرمة البيع[1].

[1] لا يخفى أنّ المصحف كسائر الكتب تكون خطوطه وصفاً مقوماً له، ولا يمكن كون الوصف مطلقاً مقوماً كان أم غيره ملكاً

لشخص، وموصوفه ملكاً للآخر. بل لو كان الوصف في الشيء حاصلاً بعمل الآخر، وكان بأمر من مالك ذلك الشيء أو باستيجاره
فيستحق العامل الأجرة عليه، وإلاّ فلا احترام لفعله، ولا يكون له على مالكه أجرة أصلاً، وعلى ذلك فلو كان النهي عن بيع المصاحف
لزومياً كان المراد بمتعلق النهي، ملاحظة خطوطها في أخذ العوض عليها، على ما تقدم سابقاً في النهي عن بيع الجارية المغنية، وفي
النهي عن بيع آلات اللهو.