ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص263
[1] تعرّض «ره» لأخذ الأجرة على تحمّل الشهادة، وذكر عدم جوازه بناءاً على وجوب التحمل عند الدعوة إليه، كما هو مقتضى الصحيح
الوارد في تفسير قوله سبحانه: «ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا»(302)، وكذا لا يجوز أخذ الأجرة على أدائها والوجه في عدم الجواز هو كون كل من
الأداء والتحمل حقاً للمشهود له، فيستحقهما على الشاهد، فيكون أخذ الشاهد الأجرة على الأداء أو التحمل من مبادلة حق شخص بمال ذلك
الشخص. وهذا أكل المال بالباطل، بل ينطبق عنوان الأكل بالباطل حتّى فيما لو أخذ المال عن آخر يجب عليه أيضاً الأداء أو التحمل
كفاية، حيث أن طلب المال لأداء حق الغير إليه، سواء كان المطلوب منه المال، صاحب الحق أو غيره أكل لذلك المال بالباطل.
أقول: في كون الاستجابة للتحمل أو الأداء مجاناً حقاً للمشهود له تأمّل. وذكر السيد الخوئي (طال بقاه) أن الوجه في عدم جواز أخذ
الأجرة استفادة المجانية من دليل وجوبهما، فإنّ قوله سبحانه: «ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا» مع الإغماض عن الرواية أيضاً يعمّ الدعوة إلى
التحمل والأداء. ومقتضى إطلاق النهي عن عدم جواز الإباء حتّى مع عدم بذل الأجرة.
وفيه أنه يمكن دعوى كون متعلق النهي الدعوة المتعارفة وإذا كانت الدعوة المتعارفة إلى التحمل أو الشهادة بالأجرة كانت الدعوة إليها
كالدعوة إلى الخياطة أو البناء في أنّ وجوب استجابتهما لا يقتضي المجّانية. ويشهد لذلك ملاحظة صدر الآية، فإنّ قوله سبحانه
«ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله» لا يقتضي وجوب الكتابة على الكاتب مجاناً.
لا يقال: إنّ بينهما فرقاً فإنّ الكتابة في الدين مستحبة، فلا بأس بأخذ الأجرة عليها، بخلاف الاستجابة لأداء الشهادة أو تحملها.
فإنّه يقال: الاستجابة إلى الكتابة مثل الاستجابة للتحمل أو الأداء واجبة، مع أنّ مقتضى الإطلاق عدم جواز المطالبة بالاجرة
للتحمل والأداء، لا عدم جواز أخذها مع إعطائها كما هو المطلوب في المقام وفي مثل الاجرة على القضاء، كما لا يخفى.