ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص259
(اقول): الصحيح هو عدم الفرق بين الصور الثلاث، فيجوز أن ينوي فيها الطواف لنفسه، وذلك فانّ كون شخص أجيراً في عمل لا
يقتضي إلا تمليك ذلك العمل فقط للمستأجر، لا بمقدماته ومقارناته، ولذا يجوز اجارة نفسه لآخر فيهما، وعلى ذلك فالحركة
المخصوصة مقدمة لاطافة الغير، أي جعل الغير طائفاً، كما أنّها مقدمة لحمل الآخر في طواف ذلك الآخر، فيجوز صرفها لنفسه بقصده
الطواف لنفسه.
نعم لو استوجر للحمل لا في طوافه بأن يكون أجيراً لحمل المستأجر بشرط أن لا يكون الحامل طائفاً حال الحمل. وهذه صورة رابعة،
فقصد الحامل فيها الطواف لنفسه مخالفة للشرط، وباعتبارها يكون منهياً عنه فيفسد. ويحتمل أن يكون هذا الاشتراط تقييداً
لمتعلق الاجارة، بأن يملك المستأجر الحمل عليه حال عدم طوافه لنفسه وبقصد كل من الحامل والمحمول الطواف ينتفي مورد الاجارة فلا
يستحق على المستأجر شيئاً،وترك الحامل مورد الاجارة وإن كان محرماً، إلاّ أن طوافه لنفسه لا يكون منهياً عنه حتى يفسد، ووجه عدم
النهي عنه عدم اقتضاء الأمر بالشيء النهي عن ضده الخاص، فلابدّ في الحكم من ملاحظة أنّ العقد على الاشتراط أو على التقييد.
ثمّ إنّه ليس مما تقدم ما إذا حج الأجير لنفسه ندباً في سنة الاجارة، وذلك فان ترك الحج عن المنوب عنه وإن كان من ترك الواجب،
لوجوب تسليم العمل المملوك للغير إليه، إلاّ أن الحج لنفسه في تلك السنة ضد خاص لما وجب عليه بالاجارة، والأمر بالشيء لا
يقتضي النهي عن ضده الخاص، بل يمكن شمول الاستحباب لذلك الضد بنحو الترتب.
ثم إنّه لو قيل بأن مقتضى الإجارة على عمل تمليكه بمقدماته، فلا بأس أيضاً بقصد الطواف لنفسه في الصور الثلاث المتقدمة؟
باعتبار أنّ قصد الأجير الطواف لنفسه بحركته الاستقلالية فيها من قبيل الانتفاع بملك الغير، لا التصرف فيه، والانتفاع
بملك الغير ما لم يمكن تعدياً وتصرفاً فيه غير ممنوع، كالاستظلال بظل الغير أو استنارة بنوره وهكذا هكذا.