ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص258
وفي صحيحة محمد بن مسلم عن احدهما (ع) قال: «سألته عن رجل أدركه رمضان وهو مريض، فتوفى قبل أن يبرأ قال: ليس عليه شيء،
ولكن يقضي عن الذي يبرأ ثم يموت قبل أن يقضي»(297) فانّ ظاهرها اشتغال عهدة الميت، وفعل الآخرين قضاء عنه، ولا يكون ذلك
إلاّ لعدم اعتبار المباشرة فيما يعتبر في عهدة الميت ويترتب على كون النيابة هي التنزيل أو ما ذكرناه إمكان الاستدلال ـ على عدم
منافاة أخذ الأجرة على عمل مع التقرب المعتبر فيه ـ بما ورد في جواز الاستيجار للحج والعمرة، فانّه بناءاً على انكار التنزيل
تكون الأجرة بازاء نفس الحج والعمرة وأمّا نباءاً على التنزيل، فقد تقدم عن المصنف «ره» دعوى أنّ الأجرة بازاء التنزيل لا الحج
والعمرة. والتنزيل أمر مستحب توصلي، فلاحظ.
(لا يقال) ويترتب أيضاً أنّه إذا ارتكب النائب عن الغير في الحج حال احرامه موجب الكفارة كانت الكفارة على المنوب عنه (فانّه
يقال): بل تجب على النائب على التقديرين، فانّ المنزل منزلة فعل المنوب عنه هو نفس الاحرام وسائر أعمال الحج لا ما يرتكبه
النائب في أثنائها كما لا يخفى. وفيما إذا لم يكن على المنوب عنه اشتغال أصلاً، كما في الحج أو الصلاة ندباً عن الميت، فيمكن
في مثلهما القول بالتنزيل كما لا يخفى.
والحاصل أنّ ورد في النيابة عن الغير في الحج والعمرة بنحو الاستيجار بعض الروايات، وحملها على الاستيجار على المقدمات خلاف
ظاهرها، بل مقتضي الحمل المزبور يعني وقوع الاجارة على نفس المقدمات هو استحقاق الأجرة بالإتيان بها، وإن لم يترتب عليها ذوها.
وفي موثقة عمار بن موسى الساباطي عن أبي عبداللّه (ع)، قال: «سألته عن الرجل يأخذ الدراهم ليحج بها عن رجل، هل يجوز أن ينفق منها
من غير الحج؟ قال إذا ضمن الحجة، فالدراهم له يصنع بها ما أحب وعليه حجة»(298) حيث إنّ ظاهرها وقوع المعاملة على نفس الحج كما هو
معنى ضمانه، وبما أنّه لا يحتمل الفرق بين الحج وسائر العبادات التي قد أحرزت مشروعية النيابة فيها، كقضاء الصلاة والصوم
ونحوهما عن الميت، فيكون الاستيجار عليها كالاستيجار للحج.
[1] ذكر «ره» أنّه كما لا يجوز تمليك العمل الواجب عليه للغير بالأجرة، كذلك لا يجوز صرف ما يملكه الغير عليه لنفسه، بأن يأتي
لنفسه بعنوان العبادة ما استحقه الغير عليه، كما إذا استوجر لاطافة صبي أو مغمى عليه، فلا يجوز أن ينوي الاطافة طوافاً لنفسه
أيضاً، وكذا فيما إذا استوجر لحمل الغير في طواف ذلك الغير فلا يجوز أن ينوي لنفسه الطواف في تلك الأشواط. وهذا هو المراد من
الاستيجار للحمل مطلقاً، وجوز بعضهم الطواف لنفسه فيما إذا استوجر لحمل الغير في طواف نفسه، وهذا هو المراد من الاستيجار
للحمل في طوافه، ووجه الجواز في هذه الصورة عدم كون الأشواط للغير، بل ما يملكه الغير عليه هو نفس الحمل فيها، نظير ما إذا استوجر
لحمل شيء آخر فيها بخلاف الصورتين الأولتين، فان الأشواط فيهما مستحقة للغير.