پایگاه تخصصی فقه هنر

ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص256

(السادس) دعوى أن تلك الصناعات من قبيل الواجب المشروط فيكون وجوبها مشروطاً ببذل العوض عليها، سواء كانت الصنعة الواجبة

من الواجب العيني باعتبار انحصار من به الكفاية، أو من الواجب الكفائي كما في صورة تعدده وعدم انحصاره، وعلى كل فلا تكون تلك
الصنعة واجبة على المكلف قبل اعطاء العوض بعنوان الاجارة أو الجعالة، بل باعطائه يحصل شرط وجوبها عيناً أو كفاية.

وبعبارة أخرى لا تكون الصنعة ـ حال قرار الأجرة لها بالأجارة أو الجعالة ـ واجبة حتى تكون تلك الأجرة على العمل الواجب، والجواب عن هذا

الوجه ظاهر، فانّ الواجب على الطبيب مثلاً احياء النفس وانقاذها من الهلكة، سواء بذل على طبابته العوض أم لا.

(السابع) أنّ وجوب تلك الصناعات غيري باعتبار توقف اقامة النظام عليها ومن الظاهر عدم توقف إقامته على العمل مجاناً ليجب

العمل كذلك، بل الموقوف عليه بذل النفس للعمل ولو مع العوض.

ثم ذكر هذا القائل أنّه إذا بذل المريض الأجرة للطبيب وجب عليه المعالجة وإن لم يبذل مع أداء ترك العلاج إلى هلاكه أجبره الحاكم حسبة

على بذلها. والفرق بين هذا الوجه والوجه الرابع هو أنّ الصناعات على هذا الوجه واجبات غيرية، بخلاف الوجه الرابع فانّها عليه واجبات
نفسية، ولكن ليس وجوبها بعناوينها الأولية، بل بالعنوان الطاريء عليها، وهو عنوان التحفظ على النظام.

وكيف كان فهذا الوجه أيضاً فاسد، فانّه لا يجب على المريض بذل الأجرة حتى يجبر عليه مع امتناعه، بل الطبابة واجبة على

الطبيب، بذل له الأجرة أم لا، وعلى ذلك فيكون للمريض وغيره اجبار الطبيب على الطبابة من باب الأمر بالمعروف.

والحاصل أنّ هذا الوجه على تقدير تماميته يدل على جواز أخذ الأجرة وبذلها، لا على وجوبهما، مع أنّ التفرقة ـ بين الواجب الغيري

والنفسي بجواز أخذ الأجرة على الأول دون الثاني ـ غير تامة.

فهو من قبيل رجوع الوصي بأُجرة المثل[1].

[1] ظاهر قوله سبحانه «فإن ارضعن لكم فأتوهنّ أجورهن»(296) جواز أخذ المرأه الأجرة على ارضاعها، سواء كان باللباء أو غيره، فإن تمت

دعوى منافاة أخذ الأجرة لوجوب الفعل، فلابد من تقييد الآية بالارضاع بغير اللباء. والتعبير بالأجر فيها ظاهر في ثبوته من جهة
المعاوضة، لا أنّه حكم شرعي وتعبد خاص كجواز أكل المار من ثمرة طريقه، حتى لا يمكن التعدي، كما لا يخفى.