ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص255
[1] الاشكال في وجه جواز أخذ الأجرة على الصناعات التي يتوقف عليها نظام البلاد فان تلك الصناعات من الواجب الكفائي، بل من
الواجب العيني عند عدم قيام من تكون بقيامه كفاية، فكيف يجوز أخذ الأجرة عليها، وأجيب عن ذلك بوجوه.
(الأول) الالتزام بتخصيص القاعدة المتقدمة أي قاعده عدم جواز أخذ الأجرة على الواجب، ورفع اليد عنها باعتبار الاجماع وسيرة العقلاء
المتدينين منهم وغيرهم.
(الثاني) انكار تلك القاعدة في غير العبادات. ويظهر ذلك من كل من ذكر جواز أخذ الأجرة على القضاء، بلا تقييد بصورة عدم تعينه
على القاضي.
(الثالث) جواز أخذ الأجرة على تلك الصناعات بعد سقوط وجوبها بقيام من به الكفاية عليها، فانّه يكون أخذها على غير الواجب ـ
وفساد هذا الوجه أوضح، فانّ لازمه الحكم بفساد أخذ الأجرة على الجماعة القائمة بها قبل سقوط وجوبها، مع جريان السيرة القطعية على
القيام بها بالأجرة في كل عصر، من غير نظر إلى سقوط وجوبها بفعل الآخرين وعدمه.
(الرابع) الالتزام بعدم جواز أخذ الأجرة على عمل يكون بعنوانه محكوماً بالوجوب، كتجهيز الموتى وتعليم الأحكام وأمّا العمل المحكوم
عليه بالوجوب بعنوان حفظ النظام لا بعنوان نفسه، فلا مانع من أخذ الأجرة عليه. وهذا الوجه أيضاً بلا موجب، فانّه لم يظهر الفارق
بين العمل الواجب بعنوانه وبين الواجب بعنوان آخر.
(الخامس) الفرق بين تلك الصناعات وغيرها من الواجبات، بدعوى أنّ عدم جواز أخذ الأجرة على الصناعات يوجب اختلال النظام، فان كل
وحد يختار من تلك الصناعات ما هو أسهل، ويترك الصعب أو الأصعب على الآخرين لأنّ الداعي إلى الأقدام على الأعمال الشاقة الصعبة هو
الطمع في الأجرة فتسويغ أخذ الأجرة عليها لطف، أي تقريب للعباد إلى موافقة التكليف باقامة النظام، لا أنّه ينافي هذا التكليف.
وأجاب المصنف «ره» عن ذلك بعدم انحصار وجه الاقدام على الأعمال الصعبة بالطمع في الأجرة، بل ربما يكون اقدام الشخص باعتبار
عدم معرفته بغيرها أو كونه ناشئاً في ذلك العمل الشاق، كالفلاح. ولكن لا يخفى ما فيه.