ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص252
وحاصل كلامه (ثانياً) انّه لو كان الواجب عينياً تعيينياً لم يجز أخذ الأجرة عليه، سواء كان توصلياً أو تعبدياً، فانّه مع
وجوب الفعل كذلك يكون المكلف مقهوراً عليه من جانب الشارع، فيجبر عليه في صورة امتناعه، فلا تكون لعمله حرمة حتى يصح له
أخذ الأجرة. وحاول «ره» دفع ما ربّما يمكن أن يذكر في المقام بصورة النقض، وهو تجويز الشارع للوصي وقيم الأطفال أخذ أجرة المثل
على عملهما(294) مع أنّ إنقاذ الوصية أو القيام بمصالح الايتام واجب عيني تعييني عليهما.
ووجه الدفع أنّ ذلك التجويز حكم شرعي نظير حكم الشارع للمار بجواز أكله من ثمار الأشجار الواقعة في طريقه، وليس من قبيل
المعاوضة على العمل ليستظهر منها عدم منافاة أخذ الأجرة مع وجوب الفعل على المكلف كما ذكر.
(أقول): إذا فرض أنّ في فعل المكلف غرضاً للآخرين، وأنّ الواجب عليه هو الفعل مطلقاً لا الفعل مجاناً وبلا عوض، فلا يكون أخذ
العوض وتمليك عمله للغير من الأكل بالباطل، فانّ الموجب لصدقه أخذ قيد المجانية في متعلق الأمر. والمفروض خلافه. والقهر عليه
من باب الأمر بالمعروف لا يوجب سقوط عمله عن المالية، كما أنّ القهر على بيع ماله في المخمصة لا يوجب سقوطه عنها. نعم إذا كان
تعبدياً فقد يتبادر إلى الذهن منافاة أخذ الأجرة عليه للاخلاص المعتبر فيه، ولكن قد مرّ دفعه وأنّ مع كون الغرض هو استحقاق
الأجرة شرعاً يحصل التقرب المعتبر في العبادة.
وما ورد في جواز أخذ الوصي أو القيم من مال اليتيم كصحيحة هشام(295) مقتضاها عدم منافاة وجوب الفعل تعييناً مع أخذ الأجرة عليه،
فانّ ظاهرها الأخذ بعنوان أجرة المثل لا مجرد تجويز الأكل منه، نظير تجويز الأكل للمار من ثمرة طريقه. نعم قد ذكر الأكل بالمعروف في
الآية والروايات الآخر، ولكن تكون صحيحة هشام حاكمة عليها ومحددة لذلك المقدار فراجع.