پایگاه تخصصی فقه هنر

ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص249

فإن قلت يمكن أن يكون[1].

[1] وهذا أيضاً جواب عن الاستدلال المتقدم أي منافاة أخذ الأجرة على العمل للاخلاص المعتبر فيه. وتقريره أنّ قصد الأجرة على العمل

كقصد التخلص من الفقر أو المرض في بعض العبادات، فانّه كما يكون في مثل ذلك غرضه، من عمله هو التقرب إلى اللّه سبحانه،
وغرضه من تقربه إليه سبحانه بعمله هو الوصول إلى الغنى أو الشفاء أو غير ذلك من المقاصد الدنيوية، كذلك يكون في المقام غرضه
من عمله التقرب إلى اللّه سبحانه، وغرضه من تقربه إليه بالعمل المفروض الوصول إلى الأجرة المقررة في المعاملة.

والحاصل أنّ استحقاق مطالبة الأجرة من قبيل الداعي إلى الداعي، أي غرض الغرض، كما كان الغني أو الشفاء كذلك.

وأورد «ره» على هذا لاجواب بالفرق بين المقامين، وأنّ سائر المقاصد الدنيوية المترتبة على بعض العبادات أحياناً لا تنافي

القربة المعتبرة في العبادة، باعتبار أنّ طلبها من اللّه تعالى في نفسه محبوب له سبحانه، بخلاف طلب الأجرة عن الغير، فانّه
لا يلائم قصد القربة في العمل، بل ينافيه كما مرّ. وبهذا يظهر أنّ عبادة جل الخلائق للّه سبحانه تخلصاً من عذاب الآخرة أو
وصولاً إلى الجنة لا تنافي قصد القربة فيها، فانّ قصد التخلص من عذاب الجحيم أو الوصول إلى الجنة من قبى الداعي غير
المنافي للقربة، وكل ذلك مطلوب للّه سبحانه.

(اقول) ايراده «ره» غير تام، فان غرض الأجير من تقربه إلى اللّه سبحانه بعمله هو استحقاق أخذ الأجرة في حكم الشارع، لا مجرد أخذ

المال. والمنافي لقصد القربة في العمل هو الثاني دون الأول، ولذا يأتي بالعمل في غياب المستأجر، وبعد أخذ الأجرة منه خوفاً من عذاب
ربّه وحسابه في حقوق الناس. والمقام يشبه بيع الانسان داره في مورد الاضطرار، فانّه يقصد بيعها حقيقة لغاية الوصول إلى
غرضه الأصلي أي التمكن من قضاء حاجته.

فتحصل ممّا ذكرنا أنّه لا منافاة بين العمل للآخر بالاستيجار، وبين قصد القربة في ذلك العمل، سواء كان واجباً تعبدياً أو

مستحباً كذلك، وأنّ تحسين المصنف «ره» الاستدلال على عدم جواز أخذ الأجرة بالمنافاة بين قصد القربة وبين الأخذ المزبور غير
صحيح، بل بناءاً على ما ذكرناه في الأصول من أنّ قصد التقرب المعتبر في العبادة ليس خصوص الفعل بداعي الأمر المتعلق
به، بل مطلق اضافة العمل إلى اللّه سبحانه، فتكون الصلاة على ميت بداعي الاستحقاق الأجرة المقررة بازائها شرعاً عبادة، لحصول
القربة المعتبرة فيها بفرض الداعي، وهو استحقاق الأجرة شرعاً، وعلى ذلك فلو لم يلتفت الأجير إلى استحباب الصوم أو الصلاة
عن الميت، بل صام أو صلى بغرض استحقاقه شرعاً الأجرة المقررة لهما، حكم بصحة عمله ووقوعها عبادة، بلا حاجة إلى حديث الداعي إلى
الداعي ليقال إنّه لا يجري في صورة الغفلة عن استحباب نفس العمل أو وجوبه كما لا يخفى.