ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص246
(أقول): لا مجال لهذا الايراد، فانّه إذا فرض أنّ تضاعف الوجوب ولو بعنوان الوفاء بالمعاملة يؤكد الاخلاص، فلازمه عدم منافاة أخذ
العوض على العمل للاخلاص المعتبر فيه، فيكون أخذه بعنوان الجعالة أيضاً جائزاً. غاية الأمر أنّه لا يكون في فرضها تأكد
الاخلاص باعتبار عدم وجوب الوفاء بالجعالة.
وأورد «ره» على الجواب (ثانياً) بأنّه إن أريد أن تضاعف الوجوب يوجب تأكد اشتراط العبادة بقصد القربة فهو غير صحيح، لأنّ
وجوب الوفاء بالمعاملة توصلي فكليف يوجب تأكد اشتراط قصد القربة في العمل، وإن أريد أن قصد القربة من المكلف مع تعدد
الوجوب في الفعل، ولو مع الاختلاف في التوصلية والتعبدية يكون آكد، فهو خلاف الوجدان، فانّه شاهد بأنّ العمل الذي لا يترتب
عليه الأجرة من الغير، بل يصدر عن المكلف مجاناً يكون القربة فيه أخلص.
وأورد عليه (ثالثاً) بأنّ وجوب الوفاء بالمعاملة وإن كان توصلياً يسقط بالاتيان بذات العمل، إلاّ أن الثواب على موافقة هذا
الوجوب موقوف على قصد القربة الحاصل بالعمل بما أنّه ملك للغير، ويستحقه عليه، وقصد القربة في الوجوب التعبدي المتعلق
به ابتداءاً هو العمل بما أنّه حق للّه سبحانه، فلا يجتمع قصد القربة في الوجوب التعبدي مع قصد الامتثال إلى وجوب الوفاء
بالمعاملة.
(اقول): هذا الإيراد أيضاً غير صحيح، وذلك فانّ مجرد العمل ـ بقصد أنّه ملك الغير ويستحقه عليه ذلك الغير ـ لا يصحح الاخلاص
المعتبر استحقاق الثواب، بل لابدّ من كون العمل المعنون بالعنوان المزبور بداعي أمر الشارع بالوفاء وتسليم العمل، فيستحق
الثواب على هذا الفرض، ولا يعم تسليم ملك الغير إليه بسائر أغراضه الدنيوية. ويوضح ما ذكرنا ما إذا ندم الأجير بحيث لولا أمر
الشارع بالوفاء بالعقد لم يعمل، ويترك للطرف الأجرة، ولكن دعاه إلى العمل مع هذا الندم خوفه من مخالفة أمر الشارع بتسليم ملك
الغير. ومع تسليم ملك الغير إليه بالعمل كذلك تحصل القربة المعتبرة في العبادة، فأين المنافاة بين القربتين.