ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص245
[1] المنسوب إلى الشهرة عدم جواز الأجرة على العمل الواجب، بل عن جماعة دعوى الاجماع عليه، قال في الشرايع: (الخامس) ممّا يحرم
الاكتساب به ما يجب على الانسان، كتغسيل الموتى وتكفينهم وتدفينهم ونسب في المسالك هذا المنع إلى الشهرة. والظاهر أنّ مراده
شهرة حرمة الاكتساب بتجهير الموتى، حيث جوز السيد «ره» أخذ الأجرة عليه بدعوى أنّ التجهيز تكليف على الولي، ولا يجب على
غيره.
والحاصل أنّ المنع عن أخذ الأجرة على التجهيز مبني على مسلك المشهور القائلين بتوجه التكليف به إلى عامة المكلفين، لا أنّ
دعوى الشهرة راجعة إلى أصل مسألة عدم جواز الاكتساب بالعمل الواجب، لتكون مشعرة بالخلاف فيها.
ثمّ إنّ مورد الكلام في المقام ما إذا كانت في الواجب منفعة عائدة إلى باذل الأجرة، كما لو كان كفائياً وأراد سقوطه منه كتعليم صيغة
النكاح أو إلقاها على طرفي النكاح، فان تعليمها كالقائها على طرفيه من الواجب الكفائي، وباعتبار انتفاع باذل الأجرة تخرج
المعاملة عن عنوان أكل المال بالباطل.
وبعبارة أخرى الكلام في المقام فيما إذا اجتمع الشرايط المعتبرة في الاستيجار. ويقع البحث في أنّ وجوب عمل على المكلف مانع
عن جواز أخذه الأجرة عليه من المنتفع بذلك العمل أم لا، فمثل صلاة الظهر لا يجوز أخذ الأجرة عليها، لا لوجوبها، بل لأنّ أخذ الأجرة عليها
من أكل المال بالباطل.
ويستدل على عدم الجواز بأمور (الأول) منافاة أخذ الأجرة للاخلاص المعتبر في العبادة، ولكن هذا لا يثبت المدعي، لاقتضائه عدم جواز
أخذ الأجرة على العبادة ولو مع ندبها، وجواز الأخذ الأجرة على غيرها ولو كان واجباً. وأجيب أيضاً عنه. بأنّ تعدد الوجوب المتعلق أحدهما
بالفعل ابتداءاً والثاني بعنوان الوفاء بالعقد يؤكد الاخلاص، ولا ينافيه.
وأورد المصنف «ره» على هذا الوجوب بأنّ لازمه التفصيل في أخذ العوض على العمل، فيجوز بعنوان الإجارة، ولا يجوز بعنوان
الجعالة، فانّه بالاستيجار يجب العمل على الأجير وفاءاً بالمعاملة، فيتضاعف وجوبه، فيتأكد الاخلاص، بخلاف الجعالة، فانّه لا
يجب فيها العمل، فيكون العوض بها منافياً للاخلاص المعتبر.