ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص239
(أقول الموجب لجواز قبول الولاية من قبل الجائر أمران: ايصال النفع إلى المؤمنين والاكراه، وإذا فرض انتفاء الأول تعين اعتبار
الإكراه، فلا وجه لما ذكره من عدم اعتبار الاكراه في جواز قبولها، وكأنّه «ره» توهّم أنّ مراد المحقق من عدم القدرة على التفصي هو
انتفاء القدرة والاختيار رأساً المعبر عنه بالالجاء فذكر أنّ هذا أخص من الاكراه، ولا يعتبر في ارتفاع الحرمة عن المحرمات أصلاً
وقد توهمه أيضاً صاحب الجواهر الذي نسب الخلاف فيه إلى الاصحاب، وأنّ لهم في اعتباره ثلاثة أقوال والشاهد لذلك ما ذكره أخيراً من
أنّه على القول باعتبار عدم امكان التفصي لو توقف المخالفة على بذل مال كثير لزم البذل، ثم قال: (وهو أحوط بل أقرب) ووجه
الشهادة أنّ وجوب البذل على ذلك القول لا يتم إلاّ إذا أريد بعدم امكان التفصي الالجاء وعدم القدرة على الترك أصلاً.
ثم لا يخفى أنّه لو قيل بجواز الدخول في الولاية من الجائر للضرورة أي لتأمين المعاش لنفسه وعياله، فهو فيما إذا لم يكن الدخول
فيما ملازماً لارتكاب محرم آخر، بأن كان عاملاً له في عمل مباح، وإلاّ فلا موجب لارتفاع حرمة ذلك العمل الآخر فتدبر.
[1] ذكر «ره» أنّ قبول الولاية مع الضرر المالي الذي لا يضر بالحال جائز بمعنى الاباحة لا بمعنى الوجوب، فانّه يجوز للانسان
تحمل ذلك الضرر، فانّ الناس مسلطون على أموالهم.
(أقول) تقييد الرخصة في كلماه بالضرر المالي الذي لا يضر بالحال مقتضاه وجوب قبول الولاية مع الخوف من الضرر المضر
بالحال، وهذا لا يمكن المساعدة عليه، فانّ الناس مسلطون على أموالهم.
(لا يقال) إنّه لا يجوز تمكين الجائر من المال، سواء كان قليلاً أو كثيراً فان أخذه المال باعتبار كونه غصباً وعدواناً على الغير
محرم، ولذا يجب عليه رد ذلك المال، ويكون تلفه عليه، وإذا كان وضعه اليد على المال محرماً، يكون تحمل المكره بالفتح الضرر المالي
اعانة له على ظلمه (فانّه يقال) نعم تسليم المكره بالفتح المال إليه اختياراً غير جائز كما ذكر، وأمّا اتلافه أمواله قبل وصول
الجائر إليها حتى لا يكون له مال فغير لازم، لما ذكرنا سابقاً في بحث الاعانة على الحرام أنّ التجارة ونحوها ليستا من قبل الاعانة
على أخذ العاشر. وامّا الفرار عن الجائر فيما إذا أراد قتله فهو باعتبار وجوب التحفظ على النفس من الهلاك، وهذا التحفظ غير واجب
بالاضافة إلى الأموال كما لا يخفي، بل قبول الولاية ـ مع عدم المضر بالحال وكذا ارتكاب محرم آخر مع كونه يسيراً يتعارف تحمله ـ
مشكل فان مثل هذا الضرر لا يكون موجباً لارتفاع التكليف بقاعدة نفي الضرر أو حديث الرفع.