ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص237
قال في القواعد: (وتحرم الولاية من الجائر إلاّ مع عدم التمكن من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو مع الإكراه بالخوف على النفس أو
المال أو الأهل، أو على بعض المؤمنين، فيجوز ايتمار ما يأمره إلاّ القتل) وقد شرح هذه العبارة بعض الأساطين، فقال: (الا مع الإكراه
بالخوف على النفس من تلف أو ضرر في البدن أو المال المضر بحال الشخص تلفه أو حجبه أو العرض من جهة النفس أو الأهل أي بالخوف
على عرض نفسه أو عرض أهله أو الخوف فيما عد الوسط على بعض المؤمنين، فيجوز حينئذ ايتمار ما يأمره) انتهى.
والمراد ماعدا الوسط في عبارة القواعد، والوسط في تلك العبارة الضرر المالي، فيكون ماعدا الضرر على النفس أو الأهل، وبما أنّ
الضرر على أهل بعض المؤمنين داخل في الضرر على المؤمنين، لأنّ عنوان بعض المؤمنين يعم أهلهم أيضاً، يكون حاصل عبارة
القواعد ـ على ما ذكره الشارح ـ أنّه يجوز الاضرار بالغير أو ارتكاب سائر المحرمات غير القتل، فيما إذا خاف على نفسه أو ماله أو
عرضه، أو خاف على نفس مؤمن آخر.
[1] أي أنّه لو كان دفع الضرر عن بعض المؤمنين نفساً بالاضرار بعرض ذلك البعض أو البعض الآخر بالزنا ونحوه، ففي جواز هذا
الاضرار لدفع ضرر تلف النفس عن الغير تأمل، ووجهه انّه لا دليل على وجوب دفع الضرر النفسي عن الغير بمثل الزنا.
(أقول) لو كان ارتكاب محرم آخر كالزنا مقدمة لدفع الضرر النفسي عن مؤمن كما هو الفرض، فان لم يحرز أهمية وجوب الانقاذ، بأنّ احتمل
الأهمية في كل منهما، كان اطلاق دليل حرمة تلك المقدمة حاكماً على ما دلّ على وجوب انقاذ النفس المحترمة، حيث إنّه باطلاق دليل
حرمتها يثبت عدم التمكن من الانقاذ. وأمّا إذا احرز الأهمية لأنقاذها، أو احتمل الأهمية له لاللمحرم الآخر تعين الانقاذ، للعلم بسقوط
الاطلاق عن خطاب حرمة المقدمة كما لا يخفى.
[1] عطف على قوله ان كان متعلقاً بالنفس، أي إذا كان الدفع عن بعض المؤمنين دفعاً للضرر المالي عنهم، فلا يجوز هذا الدفع
بالاضرار بالغير حتى بالمال اليسير، فان ارتفاع حرمة الاضرار بالغير يحتاج إلى رافع، وهو غير موجود فانّه لا يكون المورد من
موارد الاضطرار أو اكراه، باعتبار عدم توجه الضرر إلى الشخص أو إلى من يتعلق به على الفرض.
[2] عطف على قوله ان كان متعلقاً بالنفس بمعنى أنّه إذا كان الضرر المدفوع عن بعض المؤمنين هو الضرر العرضي، ففي جواز
دفعه بالاضرار به أو مؤمن آخر مالاً أو بالعرض الأخف تأمل، ولكن دفعه بالاضرار بالنفس أو بالعرض الأعظم غير جائز بلا تأمل.