ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص234
وفيه أنّه قد ظهر فساد الجواب مما سبق، فلا حاجة إلى الاعادة، كما ظهر منه فساد التشبت في اثبات الجواز في الصورة الأولى بحديث
نفي الضرر، ووجه الظهور أنّ نفي الحكم الضرري كنفي الحكم الاكراهي للامتنان. ولا امتنان في نفي ضرر عن مكلف بتجويز
الاضرار بمكلف آخر.
(الأمر الثاني) أنّ حرمة قبول الولاية في الفرض أو حرمة ما يلازمها من الاضرار بالغير تكليف حرجى يرتفع بدليل نفي الحرج. وهذا
الوجه أيضاً غير صحيح، فانّ رفع التكليف الحرجي أيضاً للامتنان على المؤمنين، ولا امتنان في رفع تكليف يكون نتيجته
جواز الاضرار بالغير.
(الأمر الثالث) قوله (ع): «انّما جعلت التقية لتحقن به الدماء، فإذا بلغت الدم فلا تقية»(285) باعتبار أنّ مفهوم القضية
الشرطية جواز التقية بغير اراقة الدم من سائر المحرمات، ومنها الاضرار بالغير مالاً.
وفيه أنّ المراد بالتقية فيه التقية بمرتبتها العليا، وهو التحفظ على النفس من التلف، بقرينة التعليل، فمفهوم الشرطية
أن التقية أي التحفظ على النفس من التلف موجبة لجواز كل محرم حتى الاضرار بالغير مالاً أو عرضاً، وإنّما لا تجوز التقية
والتحفظ على النفس من التلف باراقة الدم واتلاف نفس آخر، والتحفظ على الضرر المالي ونحوه خارج عن مدلوله منطوقاً ومفهوماً.
ثمّ إنّه مع جواز الاضرار بالغير مالاً في مقام المزاحمة لا يرتفع ضمان اتلاف ذلك المال كما في سائر موارد الاتلاف نعم لو قلنا
بجواز الاضرار بالغير مالاً باعتبار عدم وجوب تحمل الضرر عنه بدعوى شمول حديث رفع الاكراه أو دليل نفي الحرج، فلا يكون في
البين ضمان، فان ايجاب التدارك والضمان مرادف لايجاب تحمل الضرر المتوجه إلى الغير. وقد فرض نفي وجوب تحمله بحديث رفع
الاكراه أو دليل نفي الحرج.
قد يقال إنّه يرتفع عند الاكراه حرمة ما يكون من قبيل الاضرار بالغير لوجه آخر، وهو أنّ المستفاد من قوله سبحانه «إلاّ من أكره
وقلبه مطمئن بالايمان»(286) مع الانضمام إلى الروايات الواردة في التقية عموم التقية وشمولها للتحفظ على النفس والمال والعرض
وأنّ الشارع قد جوزها، إلاّ إذا كانت باراقة الدم، ألا ترى أنّه يجوز التقية بتكذيب النبي وسبه والتبري منه، مع أنّ التكذيب
والسب تنقيص وتعرض لعرض النبي (ص)، وكذا سب الإمام والتبرى منه (ع) وعرضهما أعظم الاعراض. فما الظن بعرض زيد وعمرو
وغيرهما من الافراد.