ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص224
النوح بالباطل[2].
[2] لا ينبغي الريب في جواز النياحة على الميت ما لم تكن باطلة أي مدحاً كذباً، فانّها مع كونها مقتضى الأصل فيجوز أخذ الأجرة
عليها، نظير سائر الأعمال المحللة، يدلّ عليه ما ورد في جواز أخذ الأجرة عليها، وفي صحيحة أبي بصير، قال: «قال أبو عبداللّه (ع):
لا بأس بأجر النائجة التي تنوح على الميت»(264) والمراد النياحة التي لا تكون كذباً فانّه لا يحتمل جوام الكذب تكليفاً، وجواز
أخذ الأجرة عليه وضعاً، بل مرسلة الصدوق قال: «قال (ع): لا بأس بكسب النائحة إذا قالت صدقاً»(265) وهذه لضعف سندها تصلح
للتأييد. وفي خبر عذافر قال: «سمعت أبا عبداللّه (ع)، وسئل عن كسب النائحة؟ فقال: تستحله بضرب احدى يديه على
الأخرى»(266) وظاهرها عدم جواز أخذ الأجرة على نفس النياحة، بل تكون الأجرة بازاء عملها أي ضرب احدي يديه بالأخرى عند نياحتها وهذا
لضعف سنده غير صالح لمعارضة صحيحة أبي بصير.
وفي صحيحة حنان بن سدير، قال «كانت امرأة معنا في الحي، ولها جارية نائحة، فجاءت إلى أبي، فقالت: يا عم أنت تعلم أنّ معيشتي
من اللّه، ثم من هذه الجارية، فأحب أن تسأل أبا عبداللّه (ع) عن ذلك، فان كان حلالاً، وإلاّ بعتها وأكلت من ثمنها، حتى يأتي اللّه
بالفرج، فقال لها أبي: واللّه أني لاعظم أبا عبداللّه (ع): تشارط؟ فقلت: واللّه ما أدري تشارط أم لا؟ قال: قل لها لا تشارط وتقبل ما
أعطيت(267) وهذه الصحيحة في نفسها ظاهرة في كراهة المقاطعة، فانّه مع كون النياحة مباحة، فلا بأس بالمشارطة، ولا أقل من حملها
عليها جمعاً بينها وبين صحيحة أبي بصير المتقدمة.
والحاصل أنّه لا ينبغي التأمل في جواز النياحة وأخذ الأجرة عليها، وفي صحيحة يونس بن يعقوب عن أبي عبداللّه (ع)، قال: قال لي
أبي يا جعفر أوقف لي من مالى كذا وكذا لنوادب تندبني عشر سنين بمنى أيام منى»(268).