پایگاه تخصصی فقه هنر

ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص214

الكهانة وحكمها
الكهانة حرام[1].

[1] يقع الكلام أولاً في حكم الكهافة وأخرى في اخبار الكاهن عن الحوادث وثالثة في رجوع الغير إلى الكاهن في الاطلاع على الحادثة.

أمّا الكهانة فهو الاعتقاد بالحوادث في الكون المستقبلة منها والماضية بالقاء جن يكون تابعاً للكاهن أو اطلاع الكاهن عليها من مقدمات
يكون الاستدلال بها على تلك الحوادث محتاجاً إلى فطنة النفس وزكائها كالانتقال إليها من كلام السائل أو حاله أو فعله. وقد يطلق
على المطلع عليها من نحو هذه المقدمات اسم العراف، كما يطلق على التابع من الجن اسم الرأي بفتح الراء، وقد يكسر اتباعا للهمزة مأخوذ
من الرأي أي النظر والاعتقاد، فيقال فلأنّ رأي القوم أي صاحب رأيهم.

ولعله يظهر واقع الكهانة وحقيقتها من رواية الطبرسي في الاحتجاج في جملة الأسئلة التي سئلها الزنديق أبا عبداللّه (ع)، قال

الزنديق: «فمن أين أصل الكهانة؟ من أين يخبر الناس بما يحدث؟ قال (ع): إنّ الكهانة كانت في الجاهلية في كل حين فترة من الرسل،
كان الكاهن بمنزلة الحاكم يحتكمون إليه فيما يشتبه عليهم من الأُمور بينهم، فيخبرهم بأشياء تحدث، وذلك من وجوه شتى فراسة
العين، وذكاء القلب، ووسوسة النفس، وفطنة الروح، مع قذف في قلبه، لأنّ ما يحدث في الأرض من الحوادث الظاهرة فذلك يعلم
الشيطان ويؤديه إلى الكاهن ويخبره بما يحدث في المنازل والأطراف. وأمّا اخبار السماء، فانّ الشياطين كانت تقعد مقاعد استراق
السمع، إذ ذلك، وهي لا تحجب ولا ترجم بالنجوم، وإنّما منعت من استراق السمع لئلاّ يقع في الأرض سيب تشاكل الوحي من خبر
السماء، فيلبس على أهل الأرض ما جاءهم عن اللّه تعالى لاثبات الحجة ونفي الشبهة، وكان الشيطان يسترق الكلمة الواحدة من خبر
السماء بما يحدث اللّه في خلقه، فيختطفها، ثمّ يهبط بها إلى الأرض، فيقذفها إلى الكاهن، فإذا قد زاد كلمات من عنده، فيخلط الحق
بالباطل، فما أصاب الكاهن من خبر ممّا كان يخبر به هو ما أداه إليه شيطانه ممّا سمعه، وما أخطأ فيه فهو من الباطل ما زاد فيه، فمنذ منعت
الشياطين عن استراق السمع انقطعت الكهانة، واليوم إنّما تؤدي الشياطين إلى كهانها اخبار الناس بما يتحدثون، والشياطين تؤدي
إلى الشياطين ما يحدث في البعد من الحوادث من سارق سرق، ومن قاتل قتل، وهم بمنزلة الناس صدوق وكذوب.