ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص206
هذا أولاً و (ثانياً) أنّه لا يخرج الكلام المزبور عن الكذب بارجاع الشرط إلى الادعاء والحكاية، حيث إنّ مقتضى التعليق المزبور
أنّه على تقدير تكلم الأوثان فرضاً، فالكسر منتسب إلى كبيرهم، مع أنّه على تقدير النطق أيضاً لم يكن في البين ذلك
الانتساب. و(ثالثاً) أنّه قد ورد ما يظهر منه أنّ نفي الكذب عن قول إبراهيم ويوسف على نبيّنا وآله وعليهما السلام من قبيل
الحكومة والادعاء. والمراد نفي حرمته حيث وقع في مقام الاصلاح والهداية، فيكون من قبيل نفي الربا بين الوالد والولد، فراجع
روايتي الحسن الصيقل وعطا(232).
والظاهر أنّه على تقدير صحة رواية الاحتجاج وصدورها عن المعصوم (ع) يراد من الشرطية الشرطية الاتفاقية لا الحقيقية، ويكون
الغرض من تلك الاتفاقية مجرد نفي المقدم لانتفاء التالي، ولهذه القضية الشرطية نظائر في العرف فلاحظها، مثلاً يقول أحد
الفاسقين للآخر في مقام تذكية نفسه إنّي إنسان خير لا مورد في، للقدح، ويقول ذلك الآخر إن كنت عادلاً فأنا معصوم، فإنّه ليس
غرضه اثبات العصمة لنفسه حتى على تقدير كون المادح عادلاً، بل غرضه نفى عدالته بنفى عصمة نفسه. وقد يقال: إنّ التورية
كذب، حيث إنّ العبرة في كون الكلام كذباً بظهوره لا بمراد المتكلم. وفيه أنّ الصدق والكذب من أوصاف الأخبار والحكاية، ولا قوام
للحكاية إلاّ بالقصد، كما هو الحال في جميع الأُمور الإنشائية والقصدية. نعم يكون ظاهر الكلام عند الجهل بمراد المتكلم طريقاً
إليه، فينسب السامع إلى المتكلم الكذب بهذا اللحاظ، حيث يرى مراده المكشوف بأصالة الظهور غير مطابق للواقع، فيقول إنّه قد
كذب، كما قد يقال إنّ الكذب عبارة عن عدم مطابقة المراد لاعتقاد المتكلم، والصدق مطابقته له، كما نسب ذلك إلى النظام ومال إليه بعض
الأعاظم.