پایگاه تخصصی فقه هنر

ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص204

في التورية وحكمها
ثم انّه لا ينبغي الإشكال[1].

[1] إذا كان غرض المتكلم من ذكر الاستعارة اظهار ما في المستعار له من الوصف كالحسن والقبح وغيرهما من الخصوصيات والاعتبارات،

بأن يكون غرضه حكايتها، كان صدق كلامه أو كذبه دائراً مدار تلك الخصوصيات أو عدمها، وكذا في المبالغة في الكلم والمقدار، بأن كان
غرضه من ذكر العدد بيان القلة أو الكثرة دون خصوصية ذلك العدد، فصدق كلامه أو كذبه دائر مدار حصول تلك القلة أو الكثرة وعدمهما.

واعترض جامع المقاصد على قول العلاّمة[2].

[2] قال العلامة في القواعد في مسألة الوديعة (إذا طالبها ظالم بأنّه يجوز الحلف كاذباً، ويجب التورية على المعارف بها) انتهى. وظاهر

ذلك وجوب التورية مع الحلف كاذباً على العارف بها. وهذا بظاهره التزام باجتماع الكذب والتورية، ولذا ذكر في جامع المقاصد عند شرح
العبارة أنّ العبارة لا تخلو عن مناقشة، حيث تقتضي ثبوت الكذب مع التورية.

والحاصل أنّ المناقشة مبينة على عدم كون التورية كذباً كما هو الصحيح، فلا يعمها ما دلّ على حرمة الحذب، وذلك فانّ المتكلم لا

يكون في مواردها قاصداً لحكاية أمر على خلاف الواقع، بل يكون قصده إلى ما هو حاصل في الواقع، ولكن السامع لا ينتقل إليه من
كلامه، بل ينتقل إلى ما هو ظاهره، ويتخيل أنّه بصدد حكاية حصول ذلك الظاهر، ومن هنا أنّه لا يكون من التورية ما إذا أراد المتكلم ظاهر
كلامه، وكان ذلك الظاهر مطابقاً للواقع، ولكن لم يفهم السامع الظاهر، وتخيل أمراً آخر لا يطابق الخارج، كما إذا قال للسائل: ليس عندي
مال، وفهم السائل أنّه فقير لا يملك مالاً. ووجه عدم كون ذلك تورية أنّه يعتبر في التورية كون المراد المتكلم خلاف ظاهر الكلام، وما
ربّما يقال من ان مناط حرمة الكذب وهو اغراء السامع موجود في التورية أيضاً ـ لا يمكن المساعدة عليه، فانّه لم يعلم أنّ تمام ملاك
حرمته هو الاغراء. نعم لو انطبق على التورية عنوان محرم آخر كعنوان غش المؤمن في المعاملة ونحوها تكون محرمة بذلك العنوان.