ارشاد الطالب الی التعلیق علی المکاسب (ج1)-ج1-ص191
[1] سندها صحيح(**) وكلمه (آكل) في قوله (رجل آكل) من باب المفاعلة بمعنى المعاهدة على الأكل، وربّما يقال بظهورها في جواز المعاهدة
المزبورة تكليفاً من جهة سكوت الإمام (ع)، وعدم ردعه، ومن الظاهر أنّ المعاهدة على الأكل من قبيل الرهن على اللعب بغير الآلات،
كالمراهنة على رفع الحجر الثقيل والمصارعة والطفرة، نعم دلالتها على فسادها تامة، كما هو مقتضى منع الغرامة المفروضة في صورة
عدم أكل الشاة بتمامها، ولكن لا يخفى أنّ دلالتها على الجواز بالاطلاق والسكوت في مقام البيان، ومع ورود النهي في سائر الروايات لا
يتم الاطلاق، وأجاب المصنف «ره» عن ا لاطلاق بأنّ الإشكال في الرواية بعدم ردع الإمام (ع) حتى على تقدير جواز المعاهدة المزبورة
تكليفاً، وذلك فإن أكل الشاة بالمعاهدة الفاسدة كتصرف الطرف في مال صاحبه في سائر المعاملات الفاسدة محرم، مع أنّه لم يذكر
في الرواية ردعه (ع) عن أكلها. ثمّ أمر في آخر كلامه بالتأمل، ولعله لأجل الفرق بين المقام وسائر المعاملات الفاسدة، فان التصرف
في مثل المقام من قبيل إذن المالك في ماله، فان أكل الشاة المفروضة باعتبار اباحة المالك وإذنه فيه حلال، حتى مع فساد المؤاكلة،
حيث إنّ معنى فسادها عدم ترتّب الضمان المزبور، وهذا بخلاف سائر المعاملات التي يكون تصرف الطرف فيها بعنوان كونه مالكاً
وليس يملك مع فسادها حتى يجوز له التصرف. وأمّا الضمان فالظاهر أنّ أكل الشاة بتمامها شرط في إذن مالكها في أكلها مجاناً، ولو
بنحو الشرط المتأخّر، فيكون أكلها ناقصاً موجباً لضمانها بالقيمة كسائر القيميات، وعلى ذلك فالمراد في الرواية من نفي
الغرامة هي الغرامة المعينة في المؤاكلة كما هو معنى فسادها.
[1] ويجب رد عين العوض مع بقائه، وبدله مع تلفه، كما في جميع المعاملات الفاسدة المفروض فيها ضمان المال. وأمّا ما ورد من قييء
الإمام (ع) البيض عند ما قيل له: إنّ الغلام قامر به، فهو لا ينافي ما ذكرنا من ضمان البدل مع التلف، فان القيء لأجل أن لا يصير
البيض المزبور جزءاً من بدنه الشريف، لا من جهة رده إلى مالكه. وهذه الرواية في سندها عبدالحميد بن سعيد وهو من مشايخ صفوان بن
يحيى. وقد ثقهم الشيخ «ره» في عدته، قال: بعث ابو الحسن (ع) غلاماً يشتري له بيضاً فأخذ الغلام البيضة أو بيضتين فقامر
بها، فلما أتي به أكله، فقال له مولى له إنّ فيه من القمار، قال فدعا بطشت فتقيأ فقاءه»(215).
وفيها إشكال من جهة ارتكاب المعصوم (ع) ما هو حرام واقعاً، لكنه ضعيف فان الإمام (ع) لا يمكن غفلته أو جهله بالأحكام المجعولة، في
الشريعة حيث إنّ ذلك ينافي كونه هادياً ودليلاً على الحق ومبيناً لأحكام الشرع. وأمّا الموضوعات الخارجية فعلمه (ع) بجميعها
مطلقاً أو عند ارادته الاطلاع عليها فلا سبيل لنا إلى الجزم بشيء حتى نجعله منشأ الإشكال في مثل الرواية، وذكر السيد الخوئي طال
بقاؤه أنّ الاشكال على أكله (ع) البيض المفروض يتم بتسليم أمرين: (أحدهما) عدم امكان جهله (ع) بالموضوعات أصلاً. (ثانيهما) كونه
(ع) مكلفاً بالعمل حتى بعلمه الحاصل له بالإمامة. وأمّا إذا قيل بكونه مكلفاً بالعمل بالحجة المتعارفة عند الناس من قاعدة اليد
وأصالة الصحة وأصالة الحل وغيرها، فلا بأس بالأكل المزبور أخذاً بالحجة الشرعية.
ثمّ إنّه إذا علم (ع) الحال بالطريق المتعارف يعني أخبار مولى له بكون البيض من الحرام، تقيأ تنزهاً لئلاّ يصير الحرام
الواقعي جزءاً من بدنه الشريف، مع عدم كون هذا حكماً الزامياً. وفيه أنّه لا يمكن اجراؤه (ع) أصالة الصحة أو غيرها في عمله مع علمه
بالواقع، فانّ المقوم لموضوع الحكم الظاهري الجهل بالواقع والمفروض انتفاؤه في حقه (ع)، فدعوى كونه (ع) مكلفاً بمقتضى الحجج
الظاهرية الثابتة للجاهل بالواقع، مع علمه (ع) بالواقع كما ترى، فانّه من قبيل ثبوت الحكم بدون موضوعه.